الطويلة، لم يَحُلْ دون تحقيق بُغْيته في تحصيل المعرفة. وإننا إذ نضع هذه القصة بين يدي الدّارسين للعلْم المُحبِّين للثقافة، فهي تحدّد منهج طلَب العلْم، وتضع الضوابط بين الأستاذ والطالب. وتدور أحداثها في سورة (الكهف) على النحو التالي:
قال تعالى: {وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ لاَ أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُباً * فَلَمَّا بَلَغَا مَجْمَعَ بَيْنِهِمَا نَسِيَا حُوتَهُمَا فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَباً * فَلَمَّا جَاوَزَا قَالَ لِفَتَاهُ آتِنَا غَدَاءَنَا لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَباً * قَالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَباً * قَالَ ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصاً * فَوَجَدَا عَبْداً مِنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْماً * قَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً * قَالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً * وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً * قَالَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِراً وَلاَ أَعْصِي لَكَ أَمْراً * قَالَ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلاَ تَسْأَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْراً}.
هذه عشْر آيات من سورة (الكهف) تضع القواعد والأسُس في طلَب العلْم والتّوسّع في المعرفة، نضع ما يُستفاد منها أمام الدّعاة وطلاب العلْم لتنبيه العقول، وشحْذ الهمم، وشدّ العزائم، لإعداد علماء ودعاة وفْق منهج وحْي السماء ورسالات الأنبياء.
ومن هذه الدروس ما يلي:
أوّلاً: أن العلْم بحر لا ساحل له، ومحيط لا نهاية له، قال تعالى: {وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلاً}. فلقد روى البخاري في سبب قصة موسى -عليه السلام-: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إنّ موسى قام خطيباً في بني إسرائيل، فسئل: أيّ الناس