السّيِّئة على جمهور المسلمين، فيسعَوْن إليهم يوم الجمعة والمحافل وهم مُتثاقلو الخُطى، منصرفون عن الإنصات لكلامهم، يضيقون ذرعاً بإرشادهم.

فيعمّ الجهل في الدِّين، ويقل الفهم لأحكامه، وتصبح الفرصة سانحة لأصحاب الفكر المتطرِّف وذوي الفهم الخاطئ لنصوصه وشرائعه، فتعمّ الفتن وتثور القلاقل ويحدث ما لا تُحمد عقباه.

لهذه الأسباب، ينبغي إعداد الدّعاة إلى الله إعداداً علمياً دقيقاً، وتكوينهم تكويناً ثقافياً يُؤهِّلهم تأهيلاً جيّداً للقيام بأعباء الدّعوة، وتحمُّل تبِعاتها، ونيْل شرف أداء رسالتها. قال تعالى: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ}.

ولخطورة الإعداد العلْمي وأهمِّيّته، يأمر القرآن الكريم المسلمين بحَشْد طاقاتهم ورصْد مواردهم واختيار النّابهين من أبنائهم، من ذوي القُدرات الخاصة والمواهب المتميِّزة، ليكونوا دعاة إلى الله، قال تعالى: {وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلاَ نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ}.

فقد أشارت الآية الكريمة إشارات توجيهيّة واضحة، لإعداد جماعة مؤهَّلة عقائدياً وأخلاقياً وثقافياً للدّعوة إلى الله.

ويُمكن استنباطها من الآية على النحو التالي:

أوّلاً: عبّرت الآية عن استنهاض الهمم وشحذ العزائم بكلمة {نَفَرَ}، وهي كلمة لا تُستعمل إلاّ في مجال الاستنفار العام في سبيل الله، والتعبئة والحشْد وحسن الاستعداد للجهاد. قال تعالى: {انْفِرُوا خِفَافاً وَثِقَالاً وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ}.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015