فلم يوصِد المسلمون أبواب حضارتهم وثقافتهم في وجْه أحَد، بدليل: أنّ النهضة الأوربية الحديثة أُقيم صرحُها على أساس من الحضارة والثقافة الإسلامية في بلاد الأندلس، ولكن أوروبا والعالَم الغربي لم يحفظ هذا الجميل، ولم يَصُن هذا المعروف، فأخذ الحضارة والثقافة الإسلامية بيدٍ، واعتدى على المسلمين وديارهم باليد الأخرى، وما زال العدوان مستمراً.
خامساً: الحضارة والثقافة الإسلامية لها خصائصها المميّزة ومعالمها البارزة؛ فالمسلم في أي مكان حلّ فيه وارتحل منه معروفةٌ شخصيّته ومعلومة ثقافته، لا يذوب في أيّ حضارة ولا تحتويه أيُّ ثقافة، يعايش كل عصر بلُغته، ويأخذ من الآخرين بما يتلاءم مع دِينه. وهو سخي العطاء للآخّرين، يتعامل معهم على أساس الأصل الواحد في الخلْق والوحدة الإنسانية في النشأة والحياة والمصير.
سادساً: الحضارة والثقافة الإسلامية تقوم على السّماحة واحترام إنسانية الآخَرين. فهي ثقافة تنبذ العنف، وتنأى عمّا يثير الحقد في النفوس. وقد حدد الإسلام الميادين التي يتسامح فيها المسلم، وتبرز فيها أخلاقه، ويسمو بها سلوكه؛ نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر، ما يلي:
أ- مبادرة الناس بالتحية والسلام، وحُسن الحديث، قال تعالى: {وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيباً}.
ب- التعامل الإنساني بالمعروف والحسنى بين البشر جميعاً في شؤون الحياة، قال -صلى الله عليه وسلم-: ((رحِم الله رجلاً سمْحاً إذا باع، وإذا اشترى، وإذا اقتضى))، رواه البخاري.