سُنّة الرسول -صلى الله عليه وسلم-. وكلاهما -القرآن والسُّنّة- عطاء حضاري وعقائدي وثقافي، يصوغ عقل الأمّة وفكْرها صياغة خاصة متميزة ومتفرّدة، في كلّ مجالات الحياة الفكرية، والسياسية، والاجتماعية، والاقتصادية، وسائر النّظم التشريعية.

ثانياً: الوجه الحضاري والثقافي للإسلام يقوم على طلَب المعرفة من كلّ وجه، واستخدام العقل في تحصيل العلوم والمعارف التي تقوم على البحث والنظر والتجارب العمليّة، على أن تُضبط هذه المعارف والثقافات بمعيار الخير والشر، وتوزن بميزان الإسلام. فما يفيد الإنسانية من أوجه الخير والنفع فالإسلام يباركه ويزكّيه، وما يعود على المجتمعات البشرية بالشر والفساد والإلحاد العقائدي والانحلال الخُلُقي، فإن الإسلام يقف له بالمرصاد، ويكشف زيف ثقافته ويحذّر من أسلوبه ووسائله.

ثالثاً: الحضارة والثقافة في الإسلام توازن وتعادل بين مقوِّمات الروح ورغبات الجسد، بحيث لا يطغى جانبٌ على جانب آخَر. ويتساوى في إطار شرع الله العمل للدنيا والآخِرة على قدم المساواة، قال تعالى: {وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الآخِرَةَ وَلاَ تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلاَ تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ}.

رابعاً: إن الحضارة والثقافة الإسلامية حضارة وثقافة إنسانية عالمية، لا تقتصر على جنس معيّن، ولا تتوقّف عند زمان ومكان مُحدّد؛ بل هي كالغيث والرّزق، يسوقها الله للمؤمن والكافر، والصالح والطالح، والتّقيّ والفاجر؛ قال تعالى موضّحاً رحمة الرسول -صلى الله عليه وسلم- للعالمين: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ}.

وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ}.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015