ولِمكانة الصِّدق والصّادقين، فقد جعل الله للمتّقين في الجنة مقعداً خاصاً لهم، يَحمل اسم "الصدق"، به يتميّزون، قال تعالى: {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ * فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ}.

وقال تعالى: {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى واتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى}.

وقد أُمِر الرسول -صلى الله عليه وسلم- أن يُبلِّغ المؤمنين أنّ الصدق من خصائصهم ونسيج حياتهم، يجب أن يكون في كافّة الأمور سواءً مداخلها أو مخارجها، قال تعالى: {وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطَاناً نَصِيراً * وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقاً}.

3 - الصّدق بين الدّعاة يُعين على النجاح في دعْوتهم إلى الله، ويحمل الأمّة على التّفقّه فيهم.

الناس في هذا العصر يتخبّطون في بحار متلاطمة الأمواج من المذاهب والآراء والأفكار، قد تاهت عنهم الحقائق، وأُلبِست عليهم الأمور، وتقطعت بهم سُبُل معرفة الحقيقة، فتعثّرت الخُطى السليمة، وانعدمت الرؤية الصحيحة، وأُلْبِسَ الباطلُ ثوب الحق، فانقلبت المعايير وتغيّرت الموازين. وساعد على هذا الضلال والإضلال: أجهزة الإعلام الحديثة، ولا سيما القنوان؛ فاجتازت الحدود بلا حواجز، واخترقت العقول بلا موانع، واقتحمت البيوت بلا استئذان، مسخِّرة في ذلك بعض العقول ممّا يُطلق عليهم: مفكِّرون ومدقِّقون، والله يعلم أنهم بأقوالهم وسلوكهم عن الفكر المستقيم والثقافة السليمة بعيدون، وقد باعوا دينهم وأوطانهم بثمن بخسٍ أو منصبٍ رخيص، لا يتحرّوْن الصِّدق في أقوالهم، ويفترون الكذب في أحاديثهم، ويُحرِّفون الكلِم عن مواضعه؛ فكذبوا على الله ورسوله وعلى الناس.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015