حياته، من مصائب أو شدائد أو محن؛ لأنَّه موقنٌ ومعتقدٌ تمام الاعتقاد في الجزاء العادل والنَّعيم المقيم يوم القيامة، ولقد ذكر القرآن الكريم في صدر سورة البقرة، أنَّ الإيمان بالغيب من الصِّفات الملازمة للمؤمنين، قال تعالى:
{المِ * ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ * الَّذينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ * وَالَّذينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ * أُولَئِكَ عَلَى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [البقرة:1 - 5].
قال الإمام ابن كثير:
"إنَّ المؤمنين موصوفون بالإيمان بالغيب قولاً واعتقاداً وعملاً، وقد تدخل الخشية لله في معنى الإيمان الَّذي هو تصديقُ القول بالعمل، والإيمان كلمة جامعة للإيمان بالله وكتبه ورسله وباليوم الآخر".
ويقول ابن كثير -رحمه الله-:
" {يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ} يؤمنون بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، وجنته وناره، ولقائه، ويؤمنون بالحياة بعد الموت، وبالبعث، فهذا غيب كله. وعن ابن عباس وابن مسعود وعن ناس من صحابة النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم-: أما الغيب فما غاب عن العباد من أمر الجنة والنار، مما ذكر في القرآن".
وعن أهميَّة الإيمان بالغيب، ومكانة من يؤمنون به، ورد هذا الحديثُ عن رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- بطرق متعدِّدة، نذكر منها ما رواه الإمام أحمد في "مسنده" عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جدِّه، قال: قال رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم-: ((أيُّ الخلقِ أعجبُ إليكم إيماناً؟)) قالوا: الملائكة، قال: ((وما لَهم لا يؤمنون، وهم عند ربهم؟)) قالوا: فالنَّبيُّون. قال: ((وما لَهم لا يؤمنون، والوحيُ ينزل عليهم؟)) قالوا: فنحن. قال: ((وما لكم لا تؤمنون، وأنا بين أظهركم؟)) قال: فقال رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم-: ((إنَّ أعجبَ الخلقِ إليَّ إيماناً: لَقومٌ يكونون بعدكم، يجدون صُحُفاً فيها كِتاب، يؤمنون بما فيها)).