غَافِلِينَ * أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ} الأعراف:172 - 173].

وهذه هي الفطرة التَّي فطر الله الخلقَ عليها، قال تعالى:

{فِطْرَتَ اللَّهِ التَّي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّين الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ} [الروم:30].

وقال -صلَّى الله عليه وسلَّم-: ((كلُّ مولودٍ يولد على الفِطرة، فأبواه يهوِّدانه أو يُنصِّرانِه أو يمجِّسانِه))، وقد بَيَّن الرَّسول -صلَّى الله عليه وسلَّم- في هذا الحديث، أنَّ الله قد خلق العباد على الفطرة النقيَّة، التَّي لو تُرِكت وشأنها؛ لآذنت بوجود الحق -تبارك وتعالى-.

ولقد جاء القرآن الكريم يصوِّر المشاعر الوجدانيَّة والأحاسيس الفطريَّة، التَّي تعبر عن الإيمان بوجود الخالق، ويَظهر هذا الإحساس الفطري، حينما يعتري الإنسان شدٌّةٌ أو تفاجئُه مُلمَّة، أو يُواجَه بسؤالٍ عن خالق الكون، والأدلَّة من القرآن الكريم عديدة وكثيرة، ومن ذلك قوله تعالى:

{هُوَ الَّذي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُوا بِهَا جَاءَتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ وَجَاءَهُمُ الْمَوْجُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّين لَئِنْ أَنْجَيْتَنَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ * فَلَمَّا أَنْجَاهُمْ إِذَا هُمْ يَبْغُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ مَتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعُكُمْ فَنُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [يونس:22 - 23].

وقال تعالى:

{وَإِذَا غَشِيَهُمْ مَوْجٌ كَالظُّلَلِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّين فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ فَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمَا يَجْحَدُ بِآياتِنَا إِلَّا كُلُّ خَتَّارٍ كَفُورٍ} [لقمان:32].

وقد بيَّن القرآنُ الكريم أنَّ مشركي العرب، ما كانوا يُنكرون وجود الله؛ لأنَّ لديهم إحساساً فطريَّاً بهذا، يَظهرُ ذلك من خلال الأسئلة، التَّي كانت تُلقى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015