على رأسه فيُجعل نصفيْن، ويُمشط بأمشاط الحديد ما دون لحمه وعظمه، ما يصدّه ذلك عن دينه. والله! لَيُتِمَّنَّ الله هذا الأمر، حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت، لا يخاف إلاّ الله، والذئبَ على غنَمه؛ ولكنكم تستعجلون))، رواه البخاري.
هذا الحديث يتطابق ويتوافق مع قوله تعالى: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ}.
وفي شأن صبْر المرسلين وتحمّلهم المشاق والأذى، قال تعالى لرسوله -صلى الله عليه وسلم-: {وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلَى مَا كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا وَلا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ وَلَقَدْ جَاءَكَ مِنْ نَبَأِ الْمُرْسَلِينَ}.
ولقد تحدّث القرآن الكريم عن نبإ المرسلين في الصّبر والحِلم واللِّين والرِّفق، وأخبر عن أحوالهم في مواجهة المعاندين والمعارضين، ولا سيما أولو العزم من الرسل الذين أمر الله رسوله -صلى الله عليه وسلم- بالتأسي بهم، فقال تعالى: {فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ}.
وهم خمسة: نوح، وإبراهيم، وموسى، وعيسى، وخاتم الأنبياء محمد -صلى الله عليه وسلم-. وقد نص الله على أسمائهم من بين الأنبياء في سورتَي: (الأحزاب) و (الشورى).
قال تعالى في سورة (الأحزاب): {وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِيثَاقاً غَلِيظاً}.
وفي سورة الشورى، ذكَرهم الله بقوله تعالى: {شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلاَ تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ}.