الكريم عن نوح:
{قَالَ نُوحٌ رَبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي وَاتَّبَعُوا مَنْ لَمْ يَزِدْهُ مَالُهُ وَوَلَدُهُ إِلا خَسَاراً * وَمَكَرُوا مَكْراً كُبَّاراً * وَقَالُوا لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلا تَذَرُنَّ وَدّاً وَلا سُوَاعاً وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً * وَقَدْ أَضَلُّوا كَثِيراً وَلا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلا ضَلالاً} [نوح:21 - 24].
وهكذا كان فسادُ العقيدة وضلالُ العقل مَعلماً بارزاً، وسمةً من سمات القبائل العربيَّة، ومع ذلك فقد وُجِدت جماعةٌ قليلة لم تفسد فطرتها، ولم ينحرف فكرُها كما انحرف قومهم، فبعضهم عَبَدَ اللهَ على دين إبراهيم، وبعضٌ منهم تديَّن بدين أهل الكتاب، وبعضُهم اشتهر بالحكمة، وقد ذاع منهم:
ورقة بن نوفل، وعبيد الله بن جحش، وعثمان بن الحويرث، وزيد بن عمرو بن نفيل:
فقد حكى ابن هشام، أنهم اجتمعوا في عيدٍ لهم عند صنمٍ من أصنامهم، فقال بعضهم لبعض: تعلموا والله ما قومكم على شيء لقد أخطأوا دين أبيهم إبراهيم، ما حجرٌ نطيف به لا يسمع ولا يبصر ولا يضرُّ ولا ينفع!؟ يا قوم، التمسوا لأنفسكم، والله ما أنتم على شيء! ".
ومن الحكماء قسُّ بن ساعدةَ الإياديُّ، وعامر بن الطرب الحكيم، ومن حكماء العرب عبد المطلب جدُّ الرَّسول -صلَّى الله عليه وسلَّم-.
كما انتشر بين القبائل العربيَّة عبادات أخرى، وفدت إليهم من الأمم المجاورة كمجوسيَّة الفرس، ومنهم من عبد الكواكب والجنَّ والطيور والشَّجر، ومنهم الدَّهريُّون الَّذين أنكروا الخالق -سبحانه- وأنكروا البعث والقِيامة، قال تعالى عنهم:
{وَقَالُوا مَا هِيَ إِلا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلا الدَّهْرُ وَمَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلا يَظُنُّونَ} [الجاثية:24].