تمهيد:
لم يكن العربُ وحدَهم، الَّذين انحرفت عقائدُهم وضلَّت عقولهم وفسدت أخلاقُهم، ولكنَّ العالم من حولهم، كان يموج في ظلمات العقائد والنِّحَل الباطلة، وقد كادت عقيدةُ التوحيد أن تتلاشى من على وجه الأرض، إلا من بعض أفرادٍ قلائلَ ممَّن سلمت فطرتهم، لم يخلُ منهم مجتمعٌ من المجتمعات، ولقد كانت أحوال العالم الدِّينيَّة على النَّحو التَّالي:
أولاً: الإمبراطوريَّة الرُّومانيَّة:
ورث الرُّومان الحضارة اليونانيَّة القديمة، الَّتي كانت تُعدِّد الآلهة، فهناك آلهةٌ للحصاد، وآلهة للنار، وآلهة لحراسة الأبواب والأسرة والبيت ... الخ، ثم انتقلت هذه الوثنيَّة اليونانيَّة إلى الرُّومان، في القرن الرابع قبل الميلاد، ومن ثم أخذوا يعبدون الآلهة الإغريقيَّة، وسمَّوها أسماءً رومانيَّة وبَنَوا المعابد والمزارات لتكريمها.
ولقد عرفت هذه الإمبراطوريَّة الدِّيانة النَّصرانيَّة، في النِّصف الثاني من القرن الأول الميلادي، غير أنَّها لم تعرف الدِّين الحقَّ المنزل على عيسى -عليه السلام-، ولكنَّها عرفت النَّصرانيَّة الَّتي جاء بها بولس الرَّسول، الَّذي كان يهوديَّاً متعصِّباً يُدعى شاول أو شاؤل، وكان من أشَدِّ أعداء عيسى -عليه السَّلام- وأتباعه، ثم انقلبَ فجأةً إلى النَّصرانيَّة، ونجح في أن يمزج بين وثنيَّة الروم وبين الدِّين النَّصرانيِّ، وبذلك نجح في تشويه وتحريف ما جاء به عيسى -عليه السَّلام-، كما تساهل في بعض التَّشريعات والطًّقوس؛ سعياً لكسب الوثنيِّين الرُّومان، وهكذا جاء بولس بنصرانيَّة جديدة