أمّا كتب الأدب من قصص هادفة، أو نثر بأسلوب راقٍ، أو شعر يحرك المشاعر ويستنهض الهمم، فهو ميدان فسيح يفيض بفنون وأساليب القول. فقرائح الخطباء والأدباء والشعراء، وحِكم الحكماء -ما قبل الإسلام وبعده- زاخرة بذلك. فإنّ التطوف في رياض الأدب، والتّريّض بين قطوفه وأثماره، والوقوف بين ظلاله وأفنانه، يُكوِّنان في الداعية رصيداً ضخماً من الكلمات الأدبية السامية، ويُنمي ثروةً كبيرة من الجمل الرفيعة العالية. ومن خلال التزود بالعلوم الشرعية، وتذوق الإحساس الأدبي الراقي الجميل، فإن هذا يولِّد في نفس الداعية ملَكة التعبير، وصدْق العاطفة، ونبْل المشاعر، وإخلاص النِّيّة، وسلامة الطّويّة.

ممّا سبق، تتّضح أهميّة اللغة العربية وآدابها في تكوين عقل وفكر الدّعاة إلى الله.

المصدر الخامس من مصادر الثقافة الإسلامية: علْم التّاريخ

التاريخ مرآة الأمَم، وذاكرة الشعوب، والسّجلّ الحافل بالأحداث والوقائع. يكتب تقدّم الأمم وازدهارها، ويرصد أفول نجْمها وغروب شمسها. وتاريخ الإسلام عظيم مليء بالدروس، زاخرٌ بالعِبَر، ثريّ بالأحداث الجسام. سُطِّرت صفحاته بسيرة الرسول -صلى الله عليه وسلم- وصحابته الكرام، وبمواقف رجاله الأشاوس وقادته الأماجد، في معظم فترات تاريخه. وتاريخ الإسلام هو تاريخ الإنسانية عبْر وحي السماء ورسالات الأنبياء، من خلال آيات القرآن الكريم الذي دَوّن الأحداث، وساق القصص، وسرد الوقائع، بصدق لا يأتيه الباطل ولا يتسرّب إليه الشّك، ولا تمتد يد لتزوير التاريخ والعبث به وطمْس معالمه، قال تعالى: {نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ}.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015