الأمم والأوطان. وهو أداة لنقل العلوم والمعارف، وهو عنوان البلاغة وأمارة الفصاحة، به تُستمال القلوب، وتنقاد الأمم والشعوب. وهو لسان حال الدّعوة إلى الله، والأداة الفعّالة لتبليغها.
والدّعاة إلى الله هم أحوج الناس لسلامة اللغة، ويجب مراعاتهم لقواعد الإعراب، وحُسن المنطق، وروعة البيان، ودقّة التعبير، والتّمكّن من توضيح فكرة ما يدعون إليه، ومدى تفهّم المستمع لِمَا يتحدثون به؛ إذ إن العلاقة بين المتكلِّم والمستمع كالعلاقة بين جهازَيِ الإرسال والاستقبال.
فالمتكلِّم ينبغي أن يكون حَسَن الإرسال بحُسْن اللغة وسلامة المنطق، وصدْق العاطفة. والمستمع يجب أن يكون لديْه حُسن استقبال لِما يُلقى إليه، فيكون في يقظة وانتباه، ويُنصت بذهن صافٍ وصدرٍ منشرح. ولن يتسنّى للدّعاة تحقيق ذلك إلاّ بالأمور التالية:
أولاً: معرفة قواعد الإعراب، ويتمّ هذا بدراسة علْم النحو وقواعده، وبجانب الدراسات يكون التدريب على النطق السليم، ومراعاة مخارج الحروف، والوقوف على الجمل المفيدة، مع ملاحظة حركة آخر الكلمة وموقعها من الإعراب. وفي البداية يلتزم الداعية أو طالب العلْم إذا قرأ في كتاب، أن يرفع صوته ويُسمع نفسه، فتشترك العين بالنظر، واللسان بالنطق، والأذن بالسمع، والعقل يضبط إيقاع الكلمة وسلامة حركتها.
ثانياً: يجب على الدّاعي إلى الله: أن يكون شغوفاً بالعلْم نهِماً للقراءة، حَسن الاطلاع لكتب العلم والأدب؛ فكُتب العلْم تُزوِّد معارفه، وتُكثر ثقافته، فينمو عقله وتتّسع مداركه.