كلامهم، إذ لم يقولوا: "نحن قومٌ متعلِّمون"، أكثر ممّا إساءه خطؤُهم في الرمي، وأعرض عنهم مغضباً، وقال: "والله لَخطؤكم في لسانكم أشدُّ عليّ من خَطَئكم في رميكم". كما وقع خطأ قارئ القرآن الكريم حينما تلا قول الله تعالى: {أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ}، فقرأ كلمة {وَرَسُولُهُ} بكسر اللام، وهذا خطأ فاحش يُغيِّر المعنى تغييراً كبيراً، ويوقع في الإثم والمعصية.

إزاء تسلّل اللّحن، خشي صحابة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن ينتشر الخطأ في اللّغة العربية، وينتقل إلى القرآن الكريم، فكُلِّف أبو الأسود الدؤلي من قِبل عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- أو مِن قِبَل عليّ بن أبي طالب -رضي الله عنه-، على اختلاف في الروايتيْن.

المهمّ أنه بدأ الاتّجاه لصَوْن اللغة العربية، فوُضعت النقاط فوق الحروف، وتمّ تقسيم الكلام إلى: اسم، وفعْل، وحَرْف. ووضعت قواعد الإعراب لضبط نهاية الجملة، وتمّ تأسيس علْم النحو والصرف. ثم تتابعت علوم البلاغة (المعاني، البيان، البديع).

وكثرت مدارس النحو، وتوالت الجهود لحفْظ اللغة العربية وآدابها. وما زالت هذه المؤلَّفات والمصادر ومعاجم اللغة بين أيدي المسلمين علماء وطلاباً وباحثين.

ثالثاً: كيف يتدرّب الدّعاة على اللّغة ومراعاة قواعدها؟

إنّ نعمة البيان من أجَلِّ النِّعم التي أنعم الله بها على الإنسان، قال تعالى: {الرَّحْمَنُ * عَلَّمَ الْقُرْآنَ * خَلَقَ الإِنْسَانَ * عَلَّمَهُ الْبَيَانَ}.

فاللسان هو المعبِّر عمّا يجيش به الفؤاد، النّاطق عمّا يجول في القلب والوجدان. وبحُسن المنطق وسلامة التعبير يتمّ التفاهم بين بني الإنسان، وينشأ التعارف بين

طور بواسطة نورين ميديا © 2015