وإنّ الدعوة التي على علْم وبصيرة تستوجب الأمور التالية:
أولاً: تحديد الأهداف.
إنّ كل شيء في الكون يسير وفْق غاية مقصودة وهدف منشود، خلَقه الله لذلك.
وإن النظام البديع في الكون هو مرآة تدلّ على أنّ كل شيء فيه له هدف.
والدّاعي إلى الله يجب عليه: أن يُحدِّد الهدف من دعْوته، وتحديد الهدف يدفعه إلى أن يكون مرتّباً في كلامه، منطقياً في حديثه.
وإنّ ما يَحدُث في مضمار الدّعوة الآن، مِن عدم تحديد الأهداف ووضوحها، حيث يَتَشتّت ذهن المستمع في موضوعات شتَّى وفي أمور متنوِّعة، تجْعله ينصرف عن الدّعاة، لأنه لم يجد لديْهم هدفاً مُحدّداً.
ولقد حدّد الله -سبحانه وتعالى- الهدَف من خلْق الإنسان والجانّ في آية واحدة، قال تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ * مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ}.
وحدّد القرآن هدفَ الإنسان في هذا الكون، وأرشد إلى رسالته في الحياة، قال تعالى: {قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ}.
ولقد حدّد -صلى الله عليه وسلم- مضمونَ رسالته، والغايةَ منها، منذ أول يوم، حينما وقف على جبل الصفا ينادي أهله وعشيرته قائلا: ((إنّ الرائد لا يَكذب أهلَه. والله الذي لا إله إلاّ هو! إنِّي رسولُ الله إليكم خاصّة، وإلى الناس عامّة. والله لتموتُنّ كما تنامون، ولتُبعثُنّ كما تستيقظون، ولتحاسَبُنّ بما تعملون. وإنها لجنّة أبداً أو النار أبداً)).