ثانيا: تنظيم الأهداف.
لكي تكون الدّعوة إلى الله على هدىً وبصيرة، فينبغي تنظيم العمل الإسلامي وتحديد أولويّاته، وأن ينظر الدّعاة فيمن حولهم ويتساءلون: ما الذي يجب أن يَبدؤوا به معهم؟ وما هي الجُرعات المناسبة في الوعظ والإرشاد التي ينبغي أن تُقدَّم؟ وأن يعقب ذلك دراسة واعية للظروف الاجتماعية، والاتّجاهات المضادّة للأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر، ومدى مواجهتها؟ وبأيّ درجة من درجات التغيير التي حدّدها -صلى الله لعيه وسلم- يبدأ بها؟
إن استباق بعض المراحل، وتقديم البعض على البعض دون ترتيب وتنظيم، يُخلّ بالعمل الإسلامي.
وحينما ينظر الدّعاة والدارسون لتطوّر مراحل الدّعوة، نجد أنها مرّت بالمراحل التالية:
المرحلة الأولى: من بدْء الوحْي في غار حراء حتى قوله تعالى: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فَإِنْ عَصَوْكَ فَقُلْ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُون}.
وفي هذه المرحلة كانت الدعوة إلى الإسلام تنتشر بهدوء، لا تلتفت لها الأنظار، واقتصرت على مُحيط الزوجة السيدة خديجة -رضي الله عنها-، وبعض أبناء عمومته كعليّ -رضي الله عنه-، وعدد من أصدقائه المقرَّبين وفي مقدّمتهم أبو بكر الصديق -رضي الله عنه-. كما انتشر نور الإسلام إلى قلوب بعض المستضعَفين في مكة، كبلال، وعمّار بن ياسر، ووالده، ووالدته، وعبد الله بن مسعود. وانتحى الرسول -صلى الله عليه وسلم- ناحية بعيدة عن أنظار القوم من دار الأرقم بن أبي الأرقم، يُعلِّم أتباعه. واستمرّت هذه الفترة زهاء ثلاث سنوات.
المرحلة الثانية: تبدأ من لحظة وقوفه -صلى الله عليه وسلم- على الصفا، يُعلنها صريحة بعدما أمَره الله بذلك، قال تعالى: {فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ}.