قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ * تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ}.

وقد يكون الدّليل ماكِراً خبيثاً يورِد مَن اتّبعوه موارد التّهلكة، كما دلّ الشيطان آدمَ وزوْجَه على الأكل من الشجرة، قال تعالى: {فَدَلاّهُمَا بِغُرُورٍ} وقال: {هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لاَ يَبْلَى}.

فممّا سبق، يتّضح من قوله تعالى: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي}: أنّ طريق الدّعوة إلى الله والسبيل الذي يوصل إلى سعادة الداريْن، يقوم على البصيرة التي تعتمد على البراهين النّقليّة من الكتاب والسّنّة، والعقلية التي تعتمد على العقل والفكر، وعلى الحُجج الواضحة، والبيان البليغ، والدليل الواضح، وأنّه لا نجاح للدّعاة إن لم يتمرّسوا على تلك الأساليب التي تَقطع الحُجج، وتُفنِّد المزاعم، وتُظهر الحقائق؛ قال تعالى: {بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَمَا يَجْحَدُ بِآياتِنَا إِلاَّ الظَّالِمُونَ}.

وقال تعالى: {وَلَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ آيَاتٍ مُبَيِّنَاتٍ وَمَثَلاً مِنَ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ}.

أما عن كيفية وصول الدّعاة إلى هذا المستوى الرفيع، فهذا ما سنتاوله في العنصر الثاني.

بيان السُّبل والوسائل التي تُعين الدّعاة على الدّعوة إلى الله على علْم وبصيرة

كما سبق أنْ أوضحنا: إنّ الدّعوة إلى الله ليس عملاً مرتجَلاً، أو انفعالاً عاطفياً يفيض بالحماس، ويشتعل وميضُه لحظات ثم ينطفئ ويخمد، وإنّ ساحة الدّعوة في معظم أقطار العالَم الإسلامي تقوم على الارتجال، وردّ الفعل العاطفي الغير مدروس. كما يفتقد ميدان الدعوة إلى الترابط بين مؤسّساته، والتنسيق بين هيئاته؛ فكلّ يعمل في وادٍ بعيد عن الآخر، فضلاً عن ضعف مستوى الأداء. هذا مع ملاحظة تفوّق الأجهزة الإعلامية الأخرى تفوّقاً ظاهراً وملموساً، ونجحت في انتزاع الناس من أحضان المساجد والدّعاة، وألْقت بهم في مستنقَعات الفنّ الهابط والأدب الرخيص.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015