معنى المواطنة الصالح في التربية الغربية ونقده:
تختلف التربية الإسلامية عن التربيات الأخرى التي جعلت هدف النمو الاجتماعي عندها تربية المواطن الصالح، والمواطن الصالح عندهم هو الذي ربي تربية اجتماعية تلائم المجتمع الذي نما فيه، وتحقق مصالح ذلك المجتمع، وأهدافه ومطامعه.
فالمواطن الصالح، في المجتمع القومي، هو الذي يخدم هدف أمته القومي، ولو أدى به هذا الهدف إلى استعمار الشعوب الضعيفة، والفتك بها ونهب ثرواتها، والمواطن الصالح في المجتمع الشيوعي هو الذي يصبح آلة منتجة مسيرة بيد زعماء الحزب الحاكم، يعظمهم ويتخذهم: {أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّه} [آل عمران: 3/ 64] أي مشرعين له، مسيرين لكل حياته يعظمهم من دون الله، ويخشاهم ويزعم أن بيدهم حياته، أو موته أو رزقه.
فإيجاد المواطن الصالح المساير لمجتمعه في الحق والباطل، لا يصلح أن يكون هدفا للتربية، ولا لتكوين الحياة الاجتماعية السليمة، والتصورات المشتركة للمجتمع المستقيم.
موقف التربية الإسلامية:
أما التربية الإسلامية، فإن هدفها تربية المواطن المؤمن والمجتمع المسلم، الذي تتحقق فيه عبودية الله وحده، وتتحقق بتحقيقها كل فضائل الحياة الاجتماعية من تعاون، وتكافل وتضامن ومحبة، كما أنها تروي الحاجة إلى الأنس بالمجتمع عند الناشئ والحاجة إلى الانتماء، والميل إلى التقليد والاعتزاز بالأمة، تروي ذلك كله بدون انحراف، أو استهتار أو انقياد أعمى، أو فقدان للمواهب وللذاتيات، والمقومات الشخصية.
أي أنها تجمع، باتزان بين تربية الذاتية الفردية، والنزعة الاجتماعية من غير أن تغطى إحداهما على الأخرى، أو تنحرف أي منهما عن الخير، وعن طاعة الله وتحقيق شريعته، وعن جادة الصواب، والاستقامة في الحياة.