ولبيان ذلك لا بد لنا من وقفة عند كل هدف من هذه الأهداف، لنبين معناه في التربية الغربية، وكيف يتحقق في ظل التربية الإسلامية.

1 - الإسلام وتحقيق الذات:

ومن أبرز من قال بهذا الهدف التربوي "سير برسي نن"، فقد قال في كتابه "التربية": "إن الذاتية هي الهدف الأسمى الذي تسعى إليه التربية، ولا خير يمكن أن يصيب هذا العالم إلا عن طريق النشاط المطلق للأفراد، رجالا كانوا أو نساء، وإن التربية التي تتخذ مبدأ "تحقيق الذاتية" هدفا لها، هي التربية الوحيدة التي تسير وفق قوانين الطبيعة، والتي تشهد لها الحقائق المستمدة من علم الحياة".

وهذا الهدف يعني أن لكل إنسان بمفرده ذاتية، وخصائص تميزه عن غيره من الناس، والتربية الحقة في رأيهم هي التي تعني بإبراز هذه الخصائص عن طريق إطلاق حرية كل الناس، وإتاحة الفرص الكافية والأوضاع المناسبة لجميع الناشئين، ليحقق كل ناشيء ذاتيته، في جو اجتماعي يناسب الجميع.

نقد هذا الهدف:

يؤخذ على هذا الهدف مأخذان:

الأول أن الحرية أو "النشاط المطلق" للأفراد، كما عبر عنه "برسي نن" يحتاج إلى ضوابط تعصم الأفراد عن الغرور بذاتيتهم، أو الطغيان على غيرهم أو استعمال خصائصهم الذاتية في شر الإنسانية، وضرر المجتمع.

فإذا نشأ كل طفل وهو يرى أن المجتمع كله، والكون كله مجال لذاتيته هو، دون أن يكون لهذه الذاتية هدف أسمى يوجه طاقاتها، فأي مجتمع تخرج لنا هذه التربية؟

والمأخذ الثاني هو أن إطلاق الذاتيات يحتاج إلى هدف مشترك أسمى تحققه هذه الذاتيات، مع بقاء مجالات للتمييز الفردي لكل ذاتية.

وهذا الهدف الأسمى لم ينص عليه القانون بهدف "تحقق الذات"، وإن كان "برسي نن" قد أشار إليه بقوله: "ويخطئ من يعتقد أن نظريتنا هذه لا تميز بين المثل العليا والحسنة للحياة، والمثل الرديئة، ولا تمييز بين أنواع الذاتية التي يجب تشجيعها، وأنواع الذاتية التي يجب إخمادها..".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015