ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم جعل هذا الإيمان ركنا مستقلا؛ لأن جانبا هاما من حياة الإنسان، وتربيته يرتكز على هذا الركن، فتعال ننظر إلى آثاره التربوية:
الآثار التربوية للإيمان بالقدر:
أ- العزم والقضاء على التردد: ليس في المجتمعات البشرية أمضى عزيمة من المؤمن بقدر الله، فهو إذا ناقش الأمور ورجح بينها، واسشاره غيره، واستخار ربه، يمضي قدما فيما عزم عليه، دون توقف أو تردد أو خوف، ليقينه بأن جميع الظروف والاحتمالات التي يمكن أن تكون غير واقعة في طوقه وحسبانه، هي مما وقع في علم الله وقدره، وأن الله مؤيده، فإذا يسر له ما عزم عليه، فهو الخير المقدر له، أو ليصرف الله عنه شرًّا كان محتملًا.
ب- عدم الندم أو الحسرة على ما فات، فالمؤمن لا ينوح على الماضي بالتندم والتحسر؛ لأن ذلك لن يرد عليه شيئا مما فات؛ ولأنه إنما حصل على ما كتب الله له، ولا اعتراض على قدر الله ما دام قد وقع، ولكن له أن يعتبر، فيتوب من الخطأ أو الذنب، ولا يلدغ من جحر مرتين.
ج- الجرأة أمام الموت: أما الموت فلا يمكن لنفس أن تموت إلا بإذن الله، بعد أن تستوفي أجلها الذي كتبه الله لها: {وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ كِتَابًا مُؤَجَّلًا} [آل عمران: 3/ 145] .
لذلك لا يحق للمؤمن أن يقول بعد أن يموت له قريب لو فعلنا كذا لما مات قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ كَفَرُوا وَقَالُوا لإِخْوَانِهِمْ إِذَا ضَرَبُوا فِي الْأَرْضِ أَوْ كَانُوا غُزّىً لَوْ كَانُوا عِنْدَنَا مَا مَاتُوا وَمَا قُتِلُوا لِيَجْعَلَ اللَّهُ ذَلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} [آل عمران: 3/ 156] .
فإذا تربى المؤمن على الجرأة أمام الموت فقد أصبح جريئا أمام كل شيء، أمام فقد مال أو ولد أو جاه، أو أمام مرض أو أي مصاب آخر، ما دام يؤمن بأنه مقدر من الله.
د- التفاؤل الرضا وقطع دابر التشاؤم، وهو تعليل المصائب بعلل، أو أسباب غير صحيحة، كالتشاؤم من صوت البوم، أو كالتشاؤم الكفار بأنبيائهم، مع أن كفرهم هو الذي كان شؤما عليهم، كما قص الله علينا في سورة: {يّس} ، قول الكفار لأنبيائهم: