لكل دافع غريزي، من الترغيب والترهيب، ومن التسامي به، ما يخضعه لشريعة الله، فيجعله طاقات مثمرة في حياة الفرد والمجتمع، بدلا من أن يعاكس الإنسان هذه الدوافع، فتنقلب إلى طاقات مبددة عندما يصطدم بالكبت والإحباط، فتوجيه الدوافع في الإسلام خير ألف مرة من كتبها أو تناسيها، كما في العقائد الأخرى التي تبالغ في الزهد، والتي لا تراعي الفطرة الإنسانية.
د- إيثار الآخرة على الدنيا، والصبر على الشدائد.
على أن مغريات الحياة الدنيا، وما يقابلها من المصائب، والشدائد التي تصيب الأفاضل المثاليين، يكيدها لهم أتباع الشياطين، لا علاج لها إلا ما يربيه القرآن في نفوسنا من "إيثار الآخرة على الدنيا".
فنساء رسول الله، وهن من فضليات النساء في عصرهن، اجتمعن ليطالبن رسول الله صلى الله عليه وسلم، بأن يمتعهن بزينة الحياة الدنيا وغناها، كما تتمتع نساء الملوك، فنزل فيهن قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا، وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا} [الأحزاب: 33/ 28-29] .
فاخترن الله ورسوله والدار الآخرة، وبقين في كنف رسول الله يصبرن على شظف العيش، وقال سبحانه: {بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا، وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى} [الأعلى: 87/ 16-17] .
وقال عز وجل: {فَأَمَّا مَنْ طَغَى، وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا، فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى، وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى، فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى} [النازعات: 79/ 37-41] .
هـ- تربية العقل على الفطرة السليمة: وذلك أن كل إنسان يفكر في هذا الكون بدون تحيز إلى أهوائه يصل إلى النتائج التالية:
*- أن كل ما في الكون من حياة وموت، وفناء أو ضعف تدريجي للطاقات وتغير، وأفول وشروق، يدل على أنه صائر إلى الزوال، ومسير بغير إرادته.