وأرجلهم وينشغل كل امرئ بنفسه: {يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ، وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ، وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ، لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ} [عبس: 80/ 34-37] .
ويومئذ لا تنفع الشفاعة، ولا يقبل من أحد عدل، ولا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم، خالص من شوائب الشرك.
ويومئذ يتجلى العدل الإلهي، حين يضع الله الموازين القسط.
فإذا انقضى الحساب تجلت رحمة الله على عبادة المؤمنين، فيدخلهم الجنة خالدين فيها، وتجلى غضبه على الكفار الجاحدين، الذين يدعون إلى جهنم دعا، خالدين فيها.
النتائج التربوية للإيمان باليوم الآخر:
أ- تربية الشعور الحقيقي بالمسئولية: يلاحظ من وجهة النظر التربوية أن الإيمان باليوم الآخر، هو الوازع والدافع الحقيقي الذي يكمن وراء الشعور بالمسئولية الجدية الحقة، وأن لاشعور بالمسئولية حقا بدون هذا الإيمان، ولذلك لاحظنا أن ميزة التشريع الإسلامي تكمن في تقبل الناس له، بطواعية، ودون حاجة في كثير من الأحيان إلى استعمال السياط وأقسى العقوبات، ودون أي تهرب أو احتيال على هذا القانون الإلهي، ما دام الملائكة الحفظة يكتبون، وما دام يوم الحساب والجزاء ينتظرنا بالمرصاد، فكل من ربي تربية إسلامية يشعر بتمام المسئولية عن كل أعماله، خوفا من الوقوف للحساب بين يدي الخالق في يوم تشخص فيه الأبصار.
ب- تحقيق الأخلاق الفاضلة المطلقة، في سلوكنا وحياتنا تحقيقا فعليا مستمرًّا، ثابتا غير متقلب، بلا نفاق ولا رياء، لا يكون إلا نتيجة للإيمان باليوم الآخر،
فالحلم والأناة، والتضحية، والصبر على الشدائد، والسمو بالنفس عن الدناءات، كل ذلك يتجلى به المؤمن؛ لأنه ينتظر جزاءه عند الله، لا عند المجتمع ولا عند الناس، ويوم الجزاء آت لا ريب فيه، في موعده الذي قدره الله له، لا يتزحزح، لذلك فإن أخلاق المؤمن ثابتة لا يزعزعها شيء من أعراض الحياة الزائلة.
ج- وكذلك انضباط جميع الدوافع والغرائز، والتحكم في هذه القوى الغريزية الجامحة، إنما يتم خوفًا من الله، وطمعا في جنته، وقد أشرنا إلى أن الإسلام وضع