إليه من يحب المكانة؛ لأنه في قومه ذو مكانة، وهو في خلال ذلك كله يدعوهم إلى الله وإلى تطبيق شريعته، لتكميل فطرتهم، وتهذيب نفوسهم شيئا فشيئا، وتوحيد نوازعهم وقلوبهم، وتوجيه طاقاتهم، وحسن استغلالها للخير والسمو: طاقات العقل وطاقات الجسم، وطاقات الروح، لتعمل معا وتتجاوب للهدف الأسمى، وبذلك يسمو الفرد، وينهض المجتمع.
وقد أدرك بعض علماء الإسلام هذه الأهداف التربوية النبوية، فصنفوا بعض أحاديثه صلى الله عليه وسلم تصنيفا ذا غاية تربوية مثل كتاب "الترغيب والترهيب"، وهو مجموعة أحاديث تربي في النفس دوافع تحبب لعمل الخير، وروادع تبعد عن عمل الشر، جمعها المحدث "عبد العظيم المنذري 581-656" في أجزاء، فشملت كل أمور الحياة المادية، والروحية، والمالية، والجسدية، والفردية، والاجتماعية، والتعبدية، والفكرية.
واشتق بعضهم من حياة الرسول صلى الله عليه وسلم، وأحاديث موضوعات تربوية ألف فيها مثل "تحفة المودود في أحكام المولود" للإمام "ابن القيم الجوزية"، ومثل "الأدب المفرد" للإمام "محمد بن إسماعيل البخاري"، وهو كتاب نبوي تربوي فيه توجيهات تربوية حول معاملة الأبناء، ومعاملة الأيتام وتربيتهم، وآداب اجتماعية، وأحاديث عن رحمة الأطفال وتقبيلهم، والمزاج مع الصبي.
ولكن "الأدب المفرد" فيه عدد من "الآثار" أي أقوال الصحابة وبعض التابعين، ولم يلتزم فيه البخاري ما التزمه في كتابه "الجامع الصحيح"، وهذا هو الفرق بينه، وبين صحيح البخاري.
وكتب الحديث والسنة، التربوية أو ذات الاتجاه التربوي، كثيرة لا يتسع لها المقام هنا، ولعلنا نشير إليها في طيات البحث إن شاء الله.