المصدر الثاني الذي تستقي منه التربية الإسلامية، ومنهجها التربوي هو السنة المطهرة، والمعنى اللغوي لهذه الكلمة "السنة" هو الطريقة والأسلوب والنهج، والمعنى العلمي: مجموعة ما نقل بالسند الصحيح من أقوال الرسول صلى الله عليه وسلم وأعماله، وتركه ووصفه، وإقراره ونهيه، وما أحب، وما كره، وغزواته وأحواله وحياته.
والسنة جاءت في الأصل لتحقيق هدفين:
أ- إيضاح ما جاء في القرآن، وإلى هذا المعنى أشار القرآن الكريم في قوله تعالى: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} [النحل: 16/ 44] .
ب- بيان تشريعات وآداب أخرى كما ورد في قوله تعالى: {وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ} [الجمعة: 62/ 2] أي السنة كما فسرها الإمام الشافعي، والطريقة العلمية التي بها تتحقق تعاليم القرآن، وكما ورد في قول الرسول صلى الله عليه وسلم:
"ألا وإني أوتيت الكتاب ومثله معه".
هذا وللسنة في المجال التربوي فائدتان عظيمتان:
أ- إيضاح المنهج التربوي الإسلامي المتكامل الوارد في القرآن الكريم، وبيان التفاصيل التي لم ترد في القرآن الكريم.
ب- استنباط أسلوب تربوي من حياة الرسول صلى الله عليه وسلم مع أصحابه، ومعاملته الأولاد، وغرسه الإيمان في النفوس1.
شخصية الرسول صلى الله عليه وسلم نموذج تربوي كامل للإنسان:
وهكذا يجد الباحث في شخصية الرسول صلى الله عليه وسلم مربيا عظيما ذا أسلوب تربوي فذ، يراعي حاجات الطفولة، وطبيعتها، ويأمر بمخاطبة الناس على قدر عقولهم، أي يراعي الفروق المادية بينهم، كما يراعي مواهبهم، واستعداداتهم وطبائعهم، يراعي في المرأة أنوثتها، وفي الرجل رجولته، وفي الكهل كهولته، وفي الطفل طفولته ويلتمس دوافعهم الغريزية، فيجود بالمال لمن يحب المال حتى يتألف قلبه، ويقرب