أنزل الله القرآن ليكون هداية للبشرية، وبشرى للمتقين، وقد خاطب الله عباده المؤمنين في عشرات المواضع من كتابه مصدرًا خطابه بنداء التعريف بالإيمان: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} ، وكلما قرأه مؤمن لهج قلبه بالجواب: "لبيك يا رب"، ولذلك اعتبرت هذا الأسلوب حوارا، وقد يجري العكس، فإذا خاطب المؤمن ربه داعيا إياه في بعض آيات القرآن، أجابه الحق جل جلاله بما يناسب المقام، والأدلة على ذلك واضحة أشهرها ما رواه الإمام مسلم عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "قال الله تعالى: قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين، ولعبدي ما سأل".
فإذا قال العبد: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِين} [الفاتحة: 1/ 2] قال الله تعالى: "حمدني عبدي".
وإذا قال: {الرَّحْمَنِ الرَّحِيم} [الفاتحة: 1/ 3] ، قال الله تعالى: "أثنى علي عبدي".
وإذا قال: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّين} [الفاتحة: 1/ 4] ، قال: "مجدني عبدي"، وقال مرة: "فوض إلي عبدي".
فإذا قال: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة 1/ 5] ، قال: "هذا بيني وبين عبدي، ولعبدي ما سأل".
فإذا قال: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ، صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ} [الفاتحة 1/ 6-7] قال: "هذا لعبدي، ولعبدي ما سأل"1.