بالبصرة، والتقى بالأدباء فيها وشارك في المساجلات الأدبية التي كانت تدور بها.

وبالإضافة إلى ذلك كان يقوم باستئجار حوانيت الوراقين للمبيت بها، والنظر فيما تضم من مؤلفات، وبذلك كله تكون عنده حصيلة عظيمة من اللغة، وأخذها من مصادرها الأصلية، أضف إلى ذلك أنه كان يأخذ اللغة ويستقيها من أفواه الرواة أحيانًا، في سوق المربد بالبصرة، أحيانًا من العلماء الأجلاء الذين يلتقي بهم ويسمع منهم، ويتتلمذ عليهم، وفي مقدمتهم الأخفش، وقد وجد الجاحظ في العصر الذهبي للعلم والأدب كوكبة من العلماء الأجلاء، استفاد منهم إفادة وضحت آثارها في مؤلفاته.

ومن هذه المؤلفات كتاب (البيان والتبيين)، فقد عاصر مالكًا والشافعي وأحمد بن حنبل، وفي مجال الكتابة عاصر ابن المقفع والصولي وابن قتيبة والمبرد وابن الزيات، وفي مجال اللغة عاصر الخليل بن أحمد الفراهيدي، وعاصر من الشعراء الكثير مثل: بشار بن برد وأبا نواس، ومسلم بن الوليد وأبا تمام والبحتري، وابن الرومي وغيرهم، وتتلمذ على الأصمعي وأبي عبيدة والأخفش، كل هذا ترك أثره في الرجل، ووضح ذلك الأثر في كتاباته.

للجاحظ في مجال الدراسات الأدبية منهج معروف، يمثل مدرسة تسمى المدرسة الجاحظية، وهي شبيهة بمدرسة ابن المقفع، وقامت حولها دراسات كثيرة، وتأثر بها أتباعه، كما شهد بفضله واعترف بعلمه، وعظيم فكره علماء عصره، يدل على ذلك ما ورد عن أبي القاسم السيرافي حيث قال: "حضرنا مجلس الأستاذ أبي الفضل بن العميد الوزير، فجرى ذكر الجاحظ فغض منه بعض الحاضرين وأزرى به، وسكت الوزير عنه فلما خرج الرجل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015