الوراقين، وفي خزائن الكتب بحلب، بإلهام من الله سبحانه وتعالى كما عبر الرجل في ترجمته التي كتبها عن نفسه في آخر كتابه (ميزان الحق)، وكان ينقب عن الكتب في كل مكان، ثم عاد إلى اسطنبول وأراد أن يتم عمله الذي بدأ به في حلب، وهو تدوين أسماء الكتب؛ فكان يكتب أسماء الكتب، ولا سيما كتب التاريخ، والطبقات، والوفيات التي كان يجدها في خزائن الكتب بالأستانة، وكان يقتني هو نفسه المؤلفات، وساعده على ذلك ثراؤه الذي مكنه من شراء الكتب.
وقد وضع في كتابه أسماء الكتب التي رآها في خلال عشرين سنة؛ فجاء كتابه من أجمع ما قد يكون ألف في موضوعه؛ حيث زاد على ما ألف قبله ولم يؤلف بعده مثله، وتوفي حاجي خليفة سنة سبع وستين وألف للميلاد، ودون في كتابه ما يقرب من خمسة عشر ألف اسم لمؤلفين متنوعين، رتب حاجي خليفة كتابه على الحروف الأبجدية، وأدخل العلوم في هذا الترتيب، وذكر ما ألف فيها، وكان يذكر فاتحة الكتاب أحيانًا، وأحيانًا أخرى خاتمته، كما ذكر سبب تأليف الكتاب، وفي بعض الأحيان كان يذكر أبواب الكتاب وفصوله، كما كان يذكر وفيات المؤلفين في أغلب الأحيان، ورأيناه عند الإيجاز يذكر اسم الكتاب والمؤلف وسنة وفاته، وفي الكتب المهمة كان يذكر الكتاب ويتبعه بما جاء بعده من شروح، أو تعليقات عليه، أو ذيول له، كما أورد في بعض الأحيان تعليقات خاصة به على الكتاب، وأحيانًا كان يعين أو يذكر عدد الأوراق بذكر الكراريس. وبهذا المنهج يعد حاجي خليفة أحد الرواد الذين وضعوا علم فهرسة المخطوطات في عالمنا الإسلامي.
وبهذا نكون قد وصلنا إلى نهاية الحديث عن مفردات مقررات البحث ومصادره، أدعو الله -سبحانه وتعالى- أن يجعل علمنا هذا خالصا لوجهه، وأن ينفع به.
والحمد لله الذي هدانا لهذا، وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.