إلى المنهج في بداية التأليف أو البحث، إن ابن قتيبة سبقنا بكثير عندما أشار في مقدمة كتابه إلى المنهج الذي اتبعه، وهو يدل فعلا على النهج العلمي الذي سلكه منذ البداية.

مما يؤكد هذه النزعة العلمية المنهجية لديه: كان يستخدم بعض العناوين المناسبة، وجودة التقسيم عندما يقسم كان يختار عناوين، عنونة أيضًا هذه لم تكن سمة معروفة آنذاك، ولكن إذا تأملنا الكتاب نجد فيه أكثر من عنونة، هو الذي عنونه وليس المحقق، أقصد العناوين التي وضعها ابن قتيبة نفسه، هذه تدل أيضًا على منهج علمي دقيق التزمه.

ولعلك تستطيع مما تقدم إدراك ما أضافه ابن قتيبة من جديد بعد ابن سلام، يعني لو أننا وازنا بين الكتابين لوجدنا أن كتاب (الشعر والشعراء) فيه خطى جديدة، صحيح استفاد من كتاب (طبقات فحول الشعراء)، لكنه أضاف جديدًا، واختلفوا في المنهج وفي كل شيء؛ فابن قتيبة لم يقتصر على الشعراء الجاهليين والإسلاميين فقط، كما فعل ابن سلام في كتابه، وإنما زاد عليهم شعراء عاصروه وعاشوا في زمانه، وأورد نماذج لهم وأبدى إعجابه بهم، وهذا يؤكد مبدأ المساواة والعدل الذي أشار إليه في تعامله مع الشعراء.

كما نلاحظ أن ابن قتيبة في ترجمته للشعراء كان أكثر إحاطة من ابن سلام، من حيث عدد الشعراء المترجم لهم والأخبار المروية عنهم، والتي يمكن من خلالها التعرف على شخصية الشاعر، وما أبدعه في مجال الشعر، والوجهة الفنية التي يلتزمها، فقد ترجم لمائتين وستة من الشعراء، مقابل مائة وأربعة عشر شاعرًا لدى ابن سلام، طبعًا للأخير عذره في الاقتصار على هذا العدد؛ لأنه مشغول بوضع الشعراء في طبقات، المنهج دقيق عند ابن سلام، لو أنه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015