فتشت في معناه لم تجد فيه فائدة، وضرب جاد معناه وقصرت ألفاظه، وضرب تأخر معناه وتأخر لفظه، وذكر أمثلة لكل واحد من هذه الأضرب.
كما تناول في المقدمة أيضًا قضية في غاية الأهمية، وهي قضية الطبع والتكلف، فعرف كلا منهما وأورد أمثلة لهما، وأوضح علامات التكلف في الشعر، كما تحدث أيضًا في مقدمته عن مثيرات الشاعرية، فذكر منها الشوق والطمع والطرب والغضب، وأشار إلى الأوقات التي يصعب فيها القريض أو يسهل؛ لأنه كما قال: "للشعر تارات يبعد فيها قريبه، ويستصعب فيه رَيِّضُه".
وفي نهاية المقدمة أشار إلى بعض عيوب الشعر وعرف بها، وعرض لأقوال العلماء فيها وبين خطرها، فذكر منها: الإقواء والإكفاء والسناد والإيطاء، والإجازة، كما أشار إلى العيوب التي تنجم عن الإعراب مثل: الضرورات التي تقوم على مخالفة القياس اللغوي، تسكين المتحرك، عطف المنصوب على المخفوض، مخالفة المشهور في مد المقصور وقصر الممدود، إلى آخر هذه الأشياء.
أما القسم الثاني من الكتاب فقد ترجم فيه للشعراء، ذاكرًا أنسابهم وأخبارهم وأحوالهم، ونماذج من أشعارهم، وبلغ عدد الشعراء الذين ترجم لهم في كتابه مائتين وستة من الشعراء الجاهليين والإسلاميين، حتى العصر الذي عاش فيه ابن قتيبة، وتختلف تراجم ابن قتيبة لشعرائه طولا وقصرًا، تبعًا للأخبار التي رويت عن كل شاعر، كما أنه لم يهتم بشرح النصوص التي أوردها، ولكنه قد يعلق عليها أحيانًا بتعليقات نقدية تدل على ذوقه الفني.
أما بالنسبة للمنهج الذي سلكه ابن قتيبة في كتابه؛ إذا أردنا أن نتعرف على منهج ما لأي مؤلف، يمكننا الوصول إليه من خلال أحد طريقين؛ الطريق الأول: المؤلف نفسه عندما يشير إلى منهجه، هذه الطريقة العلمية الصحيحة، أي مؤلِّف