ومكة والطائف، واليمامة، والبحرين، وذكر بعض الشعراء الذين يمثلون كل قرية من هذه القرى.
أما القسم الثاني من الكتاب، فجعله ابن سلام للشعراء الإسلاميين، وقسمهم أيضًا إلى عشر طبقات، في كل طبقة أربعة شعراء فحول، وهم الشعراء الذين عاشوا في عصر بني أمية، أما الشعراء المخضرمون، فلم يفردهم بطبقة مستقلة، ولكنه ألحق بعضهم بالجاهليين والبعض الآخر بالإسلاميين، على حسب قربهم من هذه الطبقة أو تلك.
أما عن منهج ابن سلام في طبقاته: فالإطار العام الذي يندرج تحته هذا الكتاب هو الإطار التاريخي، ويبدو ذلك من خلال التأريخ للشعراء، حين يسجل الوقائع الخاصة بهم، والظروف المؤثرة فيهم، كما يبدو أيضًا هذا المنهج التاريخي من خلال التركيز على البيئة، حيث أفرد لكل قرية عربية طبقة خاصة، وهو بذلك يؤكد أثر البيئة في الأديب من شتى النواحي، كما أن اعتماده على الزمان أيضا كمقياس للمفاضلة بين الشعراء في كتابه -حيث قسمهم إلى شعراء جاهليين وإسلاميين- يؤكد نزعته التاريخية الواضحة، يقول نفسه: "ففضلنا الشعراء من أهل الجاهلية والإسلام والمخضرمين فنزلناهم منازلهم".
ولكن المتأمل لما أورده ابن سلام في كتابه، والمقاييس التي اعتمد عليها يدرك إدراكًا -لا شك فيه- أنه لم يقف عند حدود المنهج التاريخي فحسب، وإنما تخطاه إلى منهج فني واضح. نأخذ مثالا: عندما يورد بعض النماذج للشعراء الذين يترجم لهم، يورد بعض الآراء النقدية للنقاد، أو يبدي رأيه هو في هذه النماذج، هذا المنزع منزع فني لا محالة. تعقيبه على بعض النماذج والأخبار التي يوردها بنظرات نقدية صائبة هذا يعد منهج فني