تلاحظ معي أن كلمة فحول جرى ذكرها على لسان المؤلف، واعتمد محمود شاكر على ذلك، وعده دليلا على أنه يقصد الفحول، ولم يقصد كل الشعراء.

كما اعتمد الشيخ محمود شاكر أيضًا في إثبات كلمة فحول على نصين وردا في كتاب (الأغاني) للأصفهاني، يؤيدان ما ذهب إليه. يقول الأصفهاني في ترجمته للمخبل السعدي: "وذكره ابن سلام في الطبقة الخامسة من فحول الشعراء". ثم يقول عند ترجمة عبيد بن الأبرص: "وجعله ابن سلام في الطبقة الرابعة من فحول الجاهليين"، فهذا كله جعل الشيخ محمود شاكر يرجح أن الكتاب اسمه (طبقات فحول الشعراء).

أما عن الكتاب فقد بدأه ابن سلام بمقدمة نقدية مهمة، تعرض فيها لعدد من القضايا التي تتصل بأصول النقد الأدبي وثقافة الناقد، أشار في هذه المقدمة إلى ما يحتاجه الناقد من خبرة وثقافة، كما عرض فيها لنشأة العربية، وأولية علم النحو، وبعض الأخطاء النحوية للشعراء، وأشار إلى جمع الشعر، وما يفعله الرواة من وضع الأشعار على غير أصحابها، وانتحال الشعر، ويعد ابن سلام في طبقاته هو أول من أشار إلى هذه القضية، كما تحدث في المقدمة عن أولية الشعر العربي، وبيئته التي نشأ فيها، وأول من جمع الشعر.

وبعد الانتهاء من المقدمة قسم ابن سلام الكتاب إلى قسمين؛ القسم الأول: جعله للشعراء الجاهليين، وقسمهم عشر طبقات وضع في كل طبقة أربعة شعراء، ثم ألحق بالشعراء الجاهليين طبقة أصحاب المراثي، ثم بعد ذلك ذكر شعراء مكة، ثم شعراء الطائف، يعني شعراء القرى. وهو الذي قال: "وجعلنا أصحاب المراثي طبقة بعد العشر طبقات"، يعني فصلهم واختار متمم بن نويرة، والخنساء، وأعشى باهلة، وكعب بن سعد الغنوي، وأفرد بابًا مستقلا في هذا القسم، وجعل له عنوانًا: شعراء القرى العربية وهن خمس: المدينة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015