يعد هذا الكتاب أقدم الكتب التي وصلتنا، هذا من حيث التأليف، ويهتم بالتعريف بالشعراء، وبيان طبقاتهم. ومؤلفه هو أبو عبد الله محمد بن سلام بن عبيد الله بن سالم الجمحي البصري، الذي ولد بالبصرة سنة مائة وتسع وثلاثين للهجرة، ونشأ هذا الرجل في بيت علم وأدب، فأبوه كان من رواة الأدب، وأخوه كان من رواة الحديث المشهورين، وقد تلقى العلم على طائفة من علماء عصره، في مقدمتهم: أبان بن عثمان، والمفضل الضبي، والأصمعي، وخلف الأحمر، ويونس بن حبيب النحوي، وغيرهم، ومن تلامذته: الإمام أحمد بن حنبل، وأحمد بن يحيى ثعلب، والمازني، والرياشي، وغيرهم.
أما عن عنوان الكتاب فقد ظل معروفًا لفترة طويلة باسم (طبقات الشعراء)، وأشار إليه ابن النديم في فهرسته، وياقوت الحموي في (معجم الأدباء) أشار إليه بهذا الاسم (طبقات الشعراء)، وطبع بعض الطبعات بهذا الاسم، وظل معروفًا بطبقات الشعراء حتى جاء الأستاذ محمود شاكر -يرحمه الله- في العصر الحديث، وقام بتحقيق هذا الكتاب وجعل عنوانه (طبقات فحول الشعراء)، أضاف كلمة فحول طبعًا هذه الإضافة لم تكن عشوائية، وإنما كانت نتيجة بحث وتدقيق وتمحيص من قبل الشيخ.
واعتمد محمود شاكر في هذا على نسخة مخطوطة وقعت في يده، وتحمل هذا العنوان (طبقات فحول الشعراء)، كما أن المؤلف ابن سلام أورد في الكتاب ذاته بعض الإشارات التي تدل على أنه قصد الفحول، ولم يقصد كل الشعراء، فيقول ابن سلام: "فاقتصرنا في هذه على فحول الشعراء الإسلاميين؛ للاستغناء عن فحول شعراء الجاهليين بطبقات المؤلفة في ذلك"، ثم يقول في موضع آخر: "ورتبت هذا المؤلف على عشر طبقات، كل طبقة تجمع أربعة من فحول شعراء الإسلام"،