القاف نقطة واحدة، فإذا وجد الناسخ كلمة سقر مثلا نسخها إلى سفر، فيقع التصحيف، ومن ثم أوصى علماء التحقيق والمخطوطات بالحذر الشديد والتنبه لمثل هذا عند تحقيق المخطوطات الأندلسية المكتوبة بخط مشرقي. السبب الثالث: عدم الخبرة بلغات القبائل، فقبيلة تميم مثلا تقلب الهمزة عينا، فيقولون في أني: عني، وتسمى: عنعنة، ومثلها الكشكشة والفخفخة، وغير ذلك من لغات العرب، فقد يجهل الناسخ أو القارئ أو الراوي هذه اللغة، ويثبت ما هو مألوف لديه في لغته، فيقع التصحيف، ولعل بعضا من روايات الشعر إنما هي تصحيفات من هذا القبيل، والتمس لها الشراح وجها من العربية.
السبب الرابع من أسباب التصحيف والتحريف هو: إهمال علامات الترقيم أو استخدامها استخداما خاطئا، أو عدم ترك مسافة كافية بين الكلمات مما يؤدي إلى تقارب الحروف، فتصير الكلمتان كالكلمة الواحدة. نضرب مثالا لذلك عبارة: تحار به القطا، وردت في بيت لامرئ القيس لكن صحفها بعض المصحفين إلى: تحاربه القطا؛ لأنه لم يترك مسافة بين الفعل تحار وبين الجار والمجرور به، فصارت الكلمتان كلمة واحدة. ومن ذلك ما ذكره أبو أحمد العسكري عن أحمد بن موسى بن إسحاق الأنصاري أنه قال: "حدثني فلان عن هندان المعتوه"، تصحيف لقوله: عن هند أن المغيرة، فحدث تداخل بين الكلمات فنتج عن ذلك تصحيف واضح لا محالة. ومن هذا القبيل التصحيف الواقع في عبارة: على جَدِيلته، وجديلته بمعنى: طريقته، فإنها صحفت إلى: على حد يليه، ومثل هذا التصحيف كثير ويخفى صوابه على النساخ، فليحذر المحقق مثله وليقلب المعنى على جميع وجوهه حتى تستقيم له العبارة.
السبب الخامس: هناك تصحيف يسمى التصحيف السمعي، نسبة إلى السبب الذي أدى لوقوعه، وأكثر ما يأتي هذا النوع من طريق الإملاء خاصة في كتب الأمالي،