تصادف بعد ذلك أن صورت دار الكتب المصرية مخطوطة من المكتبة المتوكلية اليمنية، بها ست وأربعون قصيدة ومقطوعة من شعر الأعشى زائدة رغم أنها غير موثقة؛ لكنها يمكن أن تملأ البياض الذي تركه "جاير" وتصلح الخطأ الذي ظهر بين السطور.
وقد أدرك علماؤنا القدامى أهمية النسخ الأصول الصحيحة، عرفوا قيمتها وميزوا بدقة بين خطوط المؤلفين والعلماء المصنفين، ويؤكد ذلك قول أبي حيان وقد نقل عن الجاحظ بعض النصوص: "ومن خطه الذي لا أرتاب فيه نقلت"، كأن العالم كان يحرص على أن يكون اطلاعه على النسخة الأم، أما في حالة عدم كتابتها بخط المؤلف، فقد شددوا كثيرا على أن تكون المخطوطة مقابلة أو معارضة على النسخة الأصلية.
وإذا اجتمع لدى الباحث مجموعة من النسخ المخطوطة لكتاب ما، لكنها مجهولة النسب ماذا يفعل؟ لابد من ترتيب هذه النسخ، ترتيبها يحتاج إلى حذق ومهارة، ولابد أن يراعي في الترتيب النسخة ذات التاريخ الأقدم إلا إذا كان ناسخا مغمورا أو ضعيفا، فلا ريب حينئذ من تقديم النسخة الأحدث تاريخا لعلم كاتبها ودقته، أو لكونها مشفوعة بإجازة من شيوخ موثقين، مشهود لهم بالثقة ومشهود لهم بالأمانة والدقة والصدق، في هذه الحالة يقدم هذه النسخة الأحدث ويعتمد عليها.
أيضا إذا جمع الباحث المحقق النسخ، وفحصها ورتبها وأنزل كلا منها منزلتها عليه أن يلاحظ عدة أمور مهمة؛ أولا: في حالة تعدد نسخ المخطوط يقوم بوضع رمز لكل نسخة، ويعتمد في وضع هذا الرمز على اسم المكتبة مثلا، أو راوي المخطوط أو اسم البلد الذي وجد فيه المخطوط، أو أي شيء آخر يكون معلوما لديه، المهم أن يضع رمزا