ويشير إلى ذلك حتى يعرف القارئ هذا الرمز، ويكون على دراية به، فإذا وجد نسخة في القاهرة مثلا ونسخة في لندن فيرمز لنسخة القاهرة مثلا بحرف قاف، ولنسخة لندن بحرف نون، وإذا تعددت النسخ في بلد واحد، وكان قد اتبع الرمز بالنظر إلى اسم البلد، فليزد أو يضف بعد كل رمز حرفًا من حروف الهجاء، فليكن مثلا: ق1 أو ق أ، وتصبح "قا" رمزا للنسخة الأولى من القاهرة، ويقول: ق ب يعني: قب، والثالثة: ق ج، يعني: قج.

وقد تنبه أسلافنا إلى فكرة الرمز هذه في أسماء العلماء، نجدها شائعة بينهم ففي (خزانة الأدب) مثلا يرمز صاحبها إلى سيبويه بالحرف س، كما وضعوا رموزا ويختصرون بها بعض الألفاظ مثل: ثنا أي: حدثنا، وأنبا أي: أنبأنا، وأنا أي: أخبرنا، ورح أي: رحمه الله، وتع أي: تعالى، غير ذلك كثير، وكانوا يكرهون الرمز فيما يتصل بلفظ الجلالة والصلاة والسلام على رسول الله - صلى الله عليه وسلم- يعني: لابد أن يذكرونه بلفظه ويذكرون العبارة بجملتها: صلى الله عليه وسلم، بتمامها، فلينتبه الباحث المحقق إلى ذلك جيدا.

الأمر الثاني من الأمور التي أحببت التنبيه عليها: إذا تعددت نسخ المخطوطة الواحدة تحت يد المحقق فلا يعتمدها جميعا دفعة واحدة، يعتمد نسخة واحدة بعينها ويتخذها أصلا أو أمًّا، ثم بعد ذلك يذكر ما بين النسخ من خلافات أو فروق في الحواشي والهوامش.

الأمر الثالث الذي أحببت الإشارة إليه: إذا أشار مؤلف المخطوط إلى المصادر التي نقل منها، فلابد أن يرجع المحقق إلى الأصل الذي نقل منه المؤلف، ويعارض الأصل الذي بيده على مصادره، ويثبت ما بينه وبين تلك المصادر من اختلافات، فمن خلال هذه المعارضة ربما وجد أن المؤلف قد نسب كلاما إلى مصدر، وهو من مصدر آخر عن طريق السهو، أو ربما غفل عن اسم المصدر عفوا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015