وابن سلام الجمحي، وذكروا من الذين اتهموا بالوضع والانتحال والتزييف: حماد الراوية، وخلف الأحمر، وابن إسحاق، وغيرهم، وقام هؤلاء العلماء الموثقون بفحص الشعر وتمحيصه وتصفيته من شوائبه ورفضوا رواية الرواة الوضاعين ممن أجادوا فن الشعر، كما رفضوا ما حمله رواة السير والأخبار من أشعار غثة.

علم من هؤلاء الأعلام الذين عنوا بالتحقيق والتوثيق: أبو سعيد السكري الذي توفي سنة خمس وسبعين ومائتين للهجرة، وقد اهتم السكري بجمع الدواوين من أشعار الجاهليين والإسلاميين إلى أيامه، نقدها، تأملها، شرحها، فسر غريبها، وقد استقصى ابن النديم ذكر الشعراء الذين حمل الرواة دواوينهم، ثم أعقبهم السكري، فاختار من جملة هذه الروايات ما رآه جديرا بالاختيار، بلغ عدد هؤلاء الشعراء الذين حقق السكري دواوينهم ستة وخمسين شاعرا، وإذا علمنا أنه وقف على ثلاث من الروايات، وهو يصنع ديوان هزيل لعلمنا مدى دقته في التحقيق والتثبت.

الرواية الأولى: هي الرواية التي رويت عن الرياشي شيخه، وهي مروية عن الأصمعي عن عمارة بن أبي طرفة الهزلي. الرواية الثانية: عن أستاذه أبي جعفر محمد بن حبيب وهي مروية عن ابن الأعرابي وأبو عمرو الشيباني. الرواية الثالثة: عن محمد بن الحسن عن عبد الله بن إبراهيم الجمحي. وازن السكري بين هذه الروايات وحقق ومحص، ثم في النهاية اختار ما اعتقد أنه صواب، وهذا هو عمل المحقق يجمع النسخ، وكان للسكري منهج واضح في الجمع بين الروايات، فالقصائد المجمع على صحة نسبتها ونصها، كان يوردها

طور بواسطة نورين ميديا © 2015