أكابر الرواة الحفاظ الفقهاء، الوليد بن يزيد أبو عمرو بن العلاء وغيرهم، ومن المكتبات العامة في عصر بني أمية التي احتوت على ألوان شتى من العلوم والفنون، وارتادها طالب العلم مكتبة عبد الحكيم بن عمرو بن عبد الله بن صفوان، ويؤكد اهتمام بني أمية بالتأليف أيضًا وتفوقهم فيه -بجانب هذين- يؤكد هذا امتلاكهم لأهم أداة من أدوات التأليف؛ وهي الكتابة الفنية، وهذه أهم دليل.

كلكم يعرف أن الكتابة الفنية في عهد بني أمية نهضت نهضة واضحة، واشتهر بها عدد من الكتاب مثل: يحيى بن يعمر العدواني وعبد الله الطالبي، وعبد الحميد بن يحيى الكاتب الذي وضع أسس الكتابة الفنية، هذه حقيقة، فكيف ترقى الكتابة إلى هذا المستوى ونقول: إن العرب لم يعرفوا المجال التأليفي؟! هذا لا يصح ولا يجوز، فرُقي الكتابة الفنية على يد عبد الحميد الكاتب -الذي وضع الأسس الفنية لها- لدليل أكيد على أن التأليف العلمي في ذلك العصر كان لا يقل في رقيه عن الكتابة الفنية بأي حال من الأحوال.

فإذا جئنا إلى العصر العباسي وجدنا أن التأليف قد اتسع اتساعًا عظيما جدا، ونشطت الحركة العلمية نشاطا ملحوظًا، وظهرت الترجمة في عهد الرشيد والمأمون بعد أن أقيمت دار الحكمة، وترجم كثير من العلوم والفنون إلى اللغة العربية، كما اتسعت أرجاء الدولة العباسية، وامتدت مراكز الثقافة إلى الأقاليم التابعة لها، يعني لم تعد الثقافة قاصرة على البصرة والكوفة وبغداد، هذه مدن كبيرة مشهورة بالعلم والعلماء والتأليف والكتابة، ولكن اتسعت الأماكن والبلدان التي ظهر فيها كتاب ومؤلفون، امتدت امتدادًا لا حد له أقاليم تابعة، وأخذت هذه الأقاليم تنافس بغداد في التأليف.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015