إذن ظاهرة التأليف عند العرب لا يمكن إنكارها، الأدلة قائمة على أنها موجودة لدى العرب منذ أن بدأ التدوين يظهر، أو منذ أن اعتمد العرب على التدوين، في العصر الأموي ظهر التدوين وظهر معه بعض الكتب المؤلفة، ثم زادت الحركة في نهاية العصر الأموي، ثم اتسعت اتساعًا لا حد له، ونشطت نشاطا عظيمًا ملحوظًا في العصر العباسي، وكثير من المصادر تشهد بذلك.
أما عن المناهج صحيح كانت لهم كتب، ونحن نتساءل هل كانت لديهم مناهج حين كتبوا هذه الكتب أم أنها كانت مجرد انطباعات شخصية صبوا فيها أفكارهم دون اتباع منهج أو دون الالتزام بمنهج؟ حقيقة يمكن أن نطلق عليها مناهج انطباعية بمعنى أنهم قد اكتشفوا طريقهم بأنفسهم.
ليس معنى أنها مناهج انطباعية أننا لا يمكننا أن ندرجها تحت أي منهج من المناهج العلمية المتبعة، لا أقصد هذا، هي مناهج انطباعية صحيح ناتجة عن انطباع، لكن انطباع فكر راق، انطباع نفس واثقة وثابة نحو التقدم العلمي والرقي، انطباع علماء أجلاء كانوا في غاية الحرص على تعليم الأجيال أصول البحث العلمي، فليس معنى قولي: إنها مناهج انطباعية يعني لا ترقى إلى مستوى المناهج العلمية الحديثة، وإنما اكتشفوها بأنفسهم، ومهدوا الطريق لمن جاء بعدهم من خلال هذه المناهج وتوصلوا إلى ذلك عن طريق ذكائهم وخبرتهم وثقافتهم وعلمهم الذي ليس له حدود.
لا يمكننا أن نقول: إنهم جميعًا اتبعوا منهجًا واحدًا، ولكن اختلفت اتجاهات هؤلاء العلماء وتعددت مناهجهم تبعًا لتعدد ثقافتهم واختلاف بيئتهم وغاياتهم، والموضوع الذي يكتبون فيه، كل عالم من هؤلاء العلماء كان يعيش في بيئة تختلف عن بيئة العالم الآخر، أو حتى إن كان يعيش في نفس البيئة، فكان يكتب