شاعر ما بطابع خاص. فإذا وقلنا مثلا أمام غزل عمر بن ربيعة، ومخالفته للشعراء في ذلك، حين تحول في غزله من عاشق إلى معشوق، وأردنا أن نكشف عن سر ذلك التحول من خلال التحليل، فإن تحليلنا للمؤثرات التي أثرت في حياته يمكن أن يضيء لنا الطريق، ويكشف عن جانب كبير من هذا السر، وندرك أن حياته في كنف أمه، وتدليلها له، وتعلقها به تعلقًا زائدًا قد انعكس على شخصيته، وشكل فنه تشكيلا مخالفًا لما عليه الشعراء.

وعلى نحو ما تحلل أغراض الشعراء وشخصياتهم تحلل اتجاهاتهم الفنية، هذا أيضا مسلك من مسالك التحليل، ويوضح التحليل مسالك تلك الاتجاهات، ومنابعها خاصة في العصر الحديث بعدما قوي اختلاط العرب بالغرب، وأصبح التأثير والتأثر حتميًّا، وظهرت بعض الاتجاهات الفنية المستوردة، كالنزعة التشاؤمية، والامتزاج بالطبيعة، والاتجاه الرومانسي عامة. ومن المهم أن يلاحظ الباحث الأمور التي أملت بالأديب، أو رافقته في حياته، فإن ذلك سيفيده في تحليل بعض الاتجاهات الفنية عنده، والمظاهر الفنية في الأدب تقوم مقام النظريات في العلوم، فكما أن النظريات في العلوم ترد طائفة كبيرة من الظواهر إلى مبدأ كلي يفسرها جميعًا بحيث لا تخرج عنه ظاهرة من الظواهر، كذلك المذهب الأدبي يجمع طائفة من الظواهر الفنية، والخصائص، ويتوصل إليها من خلال استقراء النصوص، وتذوقها، وتحليلها تحليلًا دقيقًا، وتصير تلك الخصائص مقياسًا فنيًّا للباحث.

ومن الأمور التي ينبغي مراعاتها عند صياغة البحث أيضا: الدقة في عرض المعلومات بحيث يبدو الكلام مترابطا ترابطا منطقيا في كل فقرة من فقراته، بل في العنوانين ذاتها فيما بينها وبين بعضها البعض من ناحية، وبينها وبين ما تحتها من

طور بواسطة نورين ميديا © 2015