ويصل إلى نتائج حقيقية صادقة، ولا يتأتى له ذلك إلا إذا حصر نفسه وفكره في دائرة ضيقة يتأملها، ويغوص في أعماقها، ويستكشف ما غمض منها.
ولا بد من مراعاة هذا الأمر أيضًا عند دراسة الإقليم بحيث لا يكن متسعًا؛ لأن اتساعه يوقع الباحث في تيه لا حدود له، وقد يكون الموضوع في حد ذاته يتصف بالعموم والاتساع، ولكنه يكتسب التحديد من قلة ورود الظاهرة. انتبه إلى ذلك الموضوع قد يكون موضوع متسعا في ظاهره لكن الظاهرة التي يريد الباحث غرسها في زمان ما أو مكان ما تكون ظاهرة نادرة فالموضوعات اتساع الزمن موجود، والمكان موجود لكن الظاهرة نادرة، نضرب لذلك مثلًا: نرى موضوع مثل الماء في الشعر الجاهلي، أو بكاء الأطلال في الشعر الحديث، هذا موضوع وهذا موضوع نلمح فيها اتساع الماء في الشعر الجاهلي الشعر الجاهلي كله أو الأطلال في الشعر الحديث الشعر الحديث كله؟ نعم، نلمح فيها اتساعًا من حيث الزمان والمكان، ولكن يحد من هذا الاتساع أن الظاهرة نفسها غير منتشرة في جميع البيئات، أو بين الشعراء جميعًا. ومن ثم، يسمح بالكتابة في مثل هذه الموضوعات.
ويعتقد كثير من الباحثين أن اتساع الموضوع يفيده من حيث الحصول على المادة العلمية، كثير من الباحثين يعتقد هذا هذا اعتقاد خاطئ غير صحيح؛ لأن الغرض من البحث ليس مجرد جمع المادة العلمية وعرضها بطريقة ما، وإنما البحث العلمي الجاد يسعى وراء اكتشاف الحقيقة الغائبة، هذا هو عمل الباحث، عمل الباحث ليس جمع المادة، هو يجمع المادة، نعم، لكن يجمعها لا من أجل المادة نفسها، وإنما من أجل الوصول أو اكتشاف الحقيقة الغائبة المفترضة. ولا يتأتى ذلك إلا بالتعمق في الموضوع والإحاطة به من جميع جوانبه، ومعرفة