دقائقه، واتساع الموضوع يتنافى مع كل ذلك، ويحول الباحث إلى مجرد جماع لأراء غيره ليس إلا، وتختفي شخصيته تمامًا. والحقيقة، أنه كلما كان الموضوع ضيقًا محدودًا كلما كانت فرصة الباحث للتعمق في أغوار البحث أكبر، واكتشاف خفاياه أمكن، ونتائجه أصدق وأنفع.
الأمر الرابع الذي ينبغي مراعاته عند اختيار موضوع البحث: التأكد من توفر المادة العلمية المتصلة بموضوع البحث: المادة العلمية المطلوب توافرها قد تكون صلب الباحث، أو الموضوع ذاته كأن يكون موضوع البحث تحقيقًا لمخطوط ما، أو دراسة لديوان من الدواوين، أو لقصيدة معينة، وقد تكون المادة العلمية عبارة عن دراسات دارت حول موضوع البحث، تتمثل هذه الدراسات في المصادر والمراجع المختلفة، وسواء كانت هذا أو ذاك، يعني: سواء كانت المادة العلمية هي صلب البحث، أو كانت هي الدراسات التي دارت حول الموضوع وموجودة في مختلف المصادر، لا بد أن يتأكد الباحث أنها متوفرة وفي إمكانه الحصول عليها، فأحيانًا نجد بعض الباحثين يختاروا ظاهرة محددة في شعر شاعر من الشعراء، ويبني تصوره حول الموضوع على أبيات متناثرة للشاعر في بعض المصادر. قرأ في كتاب (الأغاني) مثلًا بعض الأبيات، أو قرأ في كتاب (العقد الفريد) بعض الأبيات لشاعر من الشعراء، هذه الأبيات ركز المؤلف على ظاهرة فيها فلفتت نظره، وظن الباحث أنها تمثل ظاهرة في شعره، لكن أين شعر ذلك الرجل؟ أو ربما يشير بعض الدارسين إليه، ثم يأتي الباحث ويبدأ يسجل هذا الموضوع، ويبدأ في التحرك والكتابة فيكتشف في النهاية أن شعر الرجل غير مجموع، وليس بإمكانه جمعه من مصادره المختلفة، فماذا يفعل؟ يتوقف بلا شك، لا بد أن يتوقف.