هذه القضية جديدا إلى الحياة العلمية والأدبية، ولم يكن قد سبقه أحد إلى دراسته وأن تتحقق فيه الجدة والطرافة، الجدة والطرافة تشمل الابتكار والافتراض الصحيح، الشرح الغامض، إتمام الناقص، اختصار المبسوط دون إخلال بالمعنى، ثم ترتيب المادة العلمية ترتيبًا جيدًا وجديدًا. وعلى الباحث أن يتأكد من ذلك بنفسه فيقوم بمراجعة مكتبات الماجستير والدكتوراه على مستوى الأقسام العلمية المتناظرة، ولا يترك الأمر للإداريين كما يفعل بعض الباحثين، كما ينبغي ألا ينظر إلى التقاء العناوين دون تأمل المادة العلمية داخل البحث. كثير من الباحثين يذهب ويبحث عن عنوان يتفق مع عنوانه، فقد يختلف العنوان، ولكن الموضوع يدرس تحت عنوان آخر أو كجزئية أو كقضية ضمن قضايا عدة، والباحث لم يطلع على صلب الرسالة أو البحث لكنه طابق العناوين على العنوان الذي اختاره، وقال: إنه لم يكتب فيه شيء. هذا من الخطأ الواضح البين الذي إن دل فإنما يدل على كسل الباحث.
الأمر الثالث الذي يجب مراعاته عند اختيار الموضوع: أن يتحرى الباحث الدقة في اختيار موضوعه، وأعني بذلك: تحديد الموضوع تحديدًا دقيقًا في شتى جوانبه فربما راق فن الوصف مثلًا بعض الباحثين في الشعر العربي، وأراد أن يكتب فيه بحثًا، وجعل عنوان بحثه الوصف في الشعر الجاهلي، عنوان جذاب فلا يصح هذا بحال من الأحوال؛ لأن الموضوع بهذا الشكل فيه اتساع وشمول، فالعربي لم يترك شيئًا وقعت عليه عيناه إلا وتناوله بالوصف، وصف الجبال، والوهاد، والحيوان، والنبات، والرعد، والبرق، والسحاب، والمطر، ولكل شاعر طريقة خاصة في هذا الفن فن الوصف، فوصف عنترة في الخيل مثلًا غير وصف أبي دؤاد الإيادي، ووصف زهير للحرب غير وصف النابغة مثلًا، وهكذا فماذا يكتب الباحث في هذا الموضوع، إنه صنع خرقًا لا يمكن رتقه عندما اختار