هناك بحوث أخرى يكتبها طلاب الدراسات العليا في المرحلة التمهيدية هم أكثر نضجًا، ولديهم من الوقت فترة زمنية أطول من وقت طلاب الإجازة العالية. فلا مانع من أن نتوسع في الموضوع بعض الشيء مع التعمق أكثر في اختيار الفكرة.

هناك بحوث تقدم لنيل درجتي الماجستير والدكتوراه، الباحث حينئذ يكون قد اكتمل نضجه، وتكونت لديه ملكات البحث العلمي، وله مطلق الحرية في الكتابة، الوقت أمامه متسع. هكذا يختار من الموضوعات ما يتفق مع الوقت، يختار الموضوع ويحدد أبعاده في إطار هذه الفترة الزمنية الممتدة. نرى أن لكل بحثًا وقت محدد تفرضه طبيعة البحث وظروف الباحث، ولا بد من وضع ذلك في الاعتبار عند اختيار الموضوع، لا بد نحدد الوقت سأنجز بحثي في سنة، سنتين، سنة ونصف، ويختار الموضوع الذي يتناسب مع هذا الوقت. وهناك بحوث تتطلب من الباحث الانتقال من مكان لمكان آخر، ومن بلد إلى بلد آخر كأن يقوم الباحث بدراسة ميدانية مثلًا حول ظاهرة فنية في بيئة معينة، وقد يختار موضوع لا تتوافر مصادره إلا في بلد أجنبي، ولا يمكنه الحصول عليها إلا بالانتقال إلى هذا البلد، هذا يحتاج منه إلى جهد مادي ومعنوي، وأعباء نفسية وثقافية خاصة، قد لا يملكها ذلك الباحث، أو لا تتوفر لديه كل هذه الإمكانات. هل يصلح أن يأخذ بحثًا بهذا الشكل؟ لا، لابد أن يراعي هذا عند اختيار الموضوع؛ حتى لا يتعثر، لا يأتي في منتصف الطريق ويقف، ويكون الوقت قد فلت من بين يديه دون أن يصل إلى نتيجة، أو يتقدم خطوة واحدة.

الأمر الثاني الذي ينبغي مراعاته عند اختيار الموضوع: أن يكون الموضوع مفيدًا نافعًا يستحق ما سيبذل فيه الباحث من جهد، وما يلاقيه في سبيله من تعب ومشقة، ولا يتحقق ذلك إلا إذا كان الموضوع المختار يضيف جديدًا إلى الحياة العلمية، الإفادة والنفع من أين نحتسبها، أو كيف نقيسها؟ لا بد أن يكون أمام الباحث قضية تضيف

طور بواسطة نورين ميديا © 2015