الجدة والابتكار، ولا يقبل التكرار؛ فالباحثون في حاجة من أجل هذا الابتكار وتلك الجدة إلى الإلمام التام بكل ما كتب حول الموضوع الذي سيدرسونه، ورصد آخر ما وصل إليه التطور العلمي في مجال من المجالات البحثية. لا يمكن لباحث جاد يعرف طبيعة البحث العلمي أن يقبل على البحث إلا إذا فعل ذلك، يرصد آخر ما وصل إليه التطور العلمي في مجال بحثه، ويستقرئ جميع الكتابات التي كتبت حول موضوعه، ويبدأ من حيث انتهى الباحثون قبله، يفعل الباحث ذلك؛ لكي يستطيع أن يدرس موضوعه، ولا يأتي تكرارًا لبحث آخر سبقه في مكان ما. فاختيار موضوع البحث من أصعب ما يواجه الباحث، فإذا وفق الباحث في اختيار موضوع تحققت فيه مقاييس الجودة، وناسب ثقافته، ولائم ميوله النفسية فإن ذلك يمثل نصف البحث.

ومن ثم، ينبغي للباحث الفطن أن يحسن اختيار موضوعه، ويحدده تحديدًا دقيقًا، ويعرف أبعاد المشكلة التي سيعالجها قبل المضي في بحثه، قبل أن يكتب أو يقرأ سطرًا واحدًا عليه أن يحدد الموضوع تحديدًا دقيقًا، ويعرف أبعاد المشكلة التي يفترضها، والتي ينبغي أن يعالجها قبل المضي في بحثه. وتتوقف جودة الموضوع أو رداءته على فطنة الباحث من ناحية، وعمق ثقافته من ناحية أخرى، فكلما كان الباحث فطنًا ذا ثقافة واسعة ملمًا بالعلوم الأدبية والنقدية، وما يتصل بهما إلمامًا تامًا كان التوفيق حليفه في اختيار موضوع بحثه؛ لأن ثقافة الباحث تمكنه من إدراك جوانب النقص في مجال الدراسات الأدبية والنقدية التي هي مجال بحثه، أما فطنته فتجعله قادرًا على تمييز الموضوع الجيد من غيره.

كما ينبغي أيضًا أن تتحقق ملكة الذوق لدى الباحث في الأدب، بمعنى: أن يكون عنده قدر من التذوق الفني، وأن يكون قادرًا على فهم النصوص وتحليلها؛

طور بواسطة نورين ميديا © 2015