الأدبي إنما يقرأ نفسه وأنفس من حوله، فالقصيدة الواحدة عن الشاعر مثلًا تصبح أكثر من قصيدة عند المتلقين؛ فكل واحد منهم يراها بصورة غير التي يراها عليها غيره من المتلقين. ولذلك؛ يسري بعض الغموض في المعاني الأدبية؛ لأنها تصور المعاني العاطفية، والمعاني العاطفية يلفها الغموض بطبيعتها. ويتأكد لنا ذلك، مما يؤكد أن المعاني العاطفية يلفها الغموض، لا يمكن أن تنكشف لأحد إلا لصاحبها إن استطاع ذلك، يتأكد ذلك عند ترجمة الأعمال الأدبية، ونقلها إلى لغة غير لغتها. فإن المترجم لا يستطيع مهما كان بليغًا في لغته أن يؤدي بلغته ما تؤديه الألفاظ الأصلية للأديب وعباراته؛ لأنها تعبر عن معاني عاطفية غير محصورة، وما لا ينحصر لا يمكن تحديده.
ولا تتوقف دلالة الألفاظ والتراكيب في الأعمال الأدبية عند دلالاتها اللغوية فحسب، ولكنها تحمل معانٍ عدة، بيانية، ومجازية، وإيحائية، وغيرها. فقد يضطر الأديب أثناء بحثه عن الأداء الدقيق لمعانيه الشعورية وغيرها -أقصد: المبدع- الفكرة تكون مختمرة في ذهنه، فيبحث لها عن اللفظ الذي يحملها، ويستطيع من خلاله أن ينقل هذا الفكر وذلك الشعور إلى المتلقي. أثناء بحثه عن الأداء الدقيق لمعانيه الشعورية وغيرها يضطر أن يسمي الأسماء بغير أسمائها، ويضع مدلولات جديدة لألفاظه من خلال التأكيد أحيانًا، أو الإيقاع الصوتي أحيانًا أخرى، هذه حقيقة نلحظها عند المبدعين.
مهمة الباحث الأدبي: الكشف عن كل ذلك خلال بحثه، وبمقدار ما في العمل الأدبي من غموض يحيط به تكون صعوبة البحث، والسير فيه حتى النهاية. وهذه عملية ليست من السهولة بمكان، وإنما هو بناء متكامل، لا بد له من أسس. ولذلك؛ اصطلح العلماء على مجموعة من الأسس ينبغي للباحث أن يلتزمها