هكذا يمكننا معرفة الجانب النفسي للأديب والمتلقي، وتتكشف لنا البيئة وأحوال المجتمع، ونحدد مواطن الجمال الفني من خلال تحليل النص تحليلًا فنيا، وهذا هو المنهج المتكامل.

نبدأ بالتعامل الفني مع العنصر، نتعامل مع اللفظة، نتعامل مع الصورة، نتعامل مع أي عنصر من العناصر الفنية الموجودة في النص، ثم نصل من خلاله إلى شيء يتعلق بالمبدع، أو المتلقي، أو البيئة أو جانب من الجوانب الخارجة عن هذا الإطار الفني.

هذا هو النموذج الأول سأعرض عليك نموذجا آخر لشاعر من شعراء العصر الحديث، وهو الشاعر أحمد شوقي، والأبيات من قصيدته السينية المشهورة التي قالها وهو في منفاه بالأندلس، وعارض بها سينية البحتري التي وصف فيها إيوان كسرى، يقول شوقي في قصيدته:

اِختِلافُ النَهارِ وَاللَيلِ يُنسي ... اُذكُرا لِيَ الصِبا وَأَيّامَ أُنسي

وَصِفا لي مُلاوَةً مِن شَبابٍ ... صُوِّرَت مِن تَصَوُّراتٍ وَمَسِّ

عصفتْ كالصَّبا اللعوبِ ومرّت ... سِنة حُلوة ولذَّة ُ خَلْس

وسلا مصرَ: هل سلا القلبُ عنها ... أَو أَسا جُرحَه الزمان المؤسّي؟

كلما مرّت الليالي عليه ... رقَّ والعهدُ في الليالي تقسِّي

مُستَطارٌ إذا البواخِرُ رنَّتْ ... أَولَ الليلِ، أَو عَوَتْ بعد جَرْس

هذه الأبيات جزء من قصيدة جميلة طويلة، قالها شوقي في منفاه في الأندلس، يعارض بها قصيدة البحتري -كما قلت- التي مطلعها:

صُنْتُ نَفْسِي عَمّا يُدَنّس نفسي،

وَتَرَفّعتُ عن جَدا كلّ جِبْسِ

فإذا أردنا أن نبحث هذا النص، ونصل من خلال بحثنا إلى حكم صحيح بالنسبة للنص والأديب والعصر، فما علينا إلى أن نلجأ إلى منهج متكامل، ولكن كيف نصل إلى المنهج المتكامل؟ من خلال منهج فني.

نبدأ بتأمل الصياغة، ونقف أمام

طور بواسطة نورين ميديا © 2015