إن الرّسولَ لنور يستضاءُ بهِ ... مهندٌ من سيوفِ الله مسلولُ

وتأمله جيدا تأمل القيد "يستضاء به" الذي أتى به الشاعر في سياق وصفه لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالنور، تجد هذا الوصف يكشف عن طبيعة البيئة التي بعث الله فيها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، يستضاء به الفعل يكشف عن البيئة التي بعث فيها -صلى الله عليه وسلم-، كما يكشف الدور الذي قام به -صلى الله عليه وسلم- في هذه البيئة، فالإضاءة تسبقها ظلمة، وتلك كانت حال البيئة الجاهلية قبل أن يبعث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كما صورها القرآن الكريم، حيث يقول عن رسوله -صلى الله عليه وسلم-: {يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} (المائدة: 16) السر في استخدام الفعل المضارع يستضاء؛ للدلالة على عالمية الرسالة الإسلامية واستمرارها، وأن الغاية منها إنقاذ البشرية من التردي في تلك الظلمات.

الشطر الثاني من هذا البيت نجد فيه عدة صفات لشخصية الرسول -صلى الله عليه وسلم-، ولولا الترتيب الفني للعبارة ما كان لنا أن نفمهما إطلاقا، فقد شبه الرسول -صلى الله عليه وسلم- بالسيف في قوله مهند، وهذا يفيد إثبات القوة لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ولكن القوة إذا أطلقت لم تكن مأمونة العواقب، وكان كعب ذكيًّا جدًّا عندما قال: من سيوف الله، فأضاف السيف إلى الله على سبيل التشريف والتأييد أولا، ثم يبين أن تلك القوة كان موجهة لنصرة دين الله -سبحانه وتعالى-، وإظهار دينه، ولم تستخدم فيما حرم الله.

وكلمة "مسلول" تكشف عن شجاعة النبي -صلى الله عليه وسلم-، وأنه كان على أهبة الاستعداد لنصرة دين الله في أي لحظة، وأنه -صلى الله عليه وسلم- قضى حياته في جهاد مستمر لم ينقطع شاهرًا سيفه مستعدًا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015