يكرر لفظة "رسول الله" -صلى الله عليه وسلم- مرتين، مع إمكان أن يأتي بها ضميرًا، ثم أعيدت كلمة رسول في البيت الرابع مرة ثانية "إن الرسول لنور يستضاء به" لم يكن كعب لينطق بهذه الكلمة وهو على كفره؛ لأن مشكلة هؤلاء القوم هي الاعتراف برسالة محمد -صلى الله عليه وسلم- كما حكى القرآن الكريم عنهم، فتكرار الكلمة هنا يدل على اعتراف كعب برسالته -صلى الله عليه وسلم- وهذا يعني إيمانه بما جاء به -صلى الله عليه وسلم- ويؤكد هذا ورود بعض العبارات في سياق هذه القصيدة، عبارات لا تصدر إلا عن قلب مؤمن بالقضاء والقدر.

كقوله مثلًا:

فكل ما قدر الرحمن مفعول

وقوله:

كلُّ ابنِ أنثَى وإنْ طالتْ سلامتهُ

يومًا على آلةٍ حدباءَ محمولُ

المنهج الذي نتعرف من خلاله على عقيدة الشاعر وأثرها في نفسه هو المنهج التاريخي، لكن تعرفنا عليه هنا من خلال منهج فني واضح لديك، خلال استخدامه لألفاظ بعينها، وتكشف هذه الاستخدامات عن عقيدة الشاعر الواضحة.

ثم تأمل معي مجيء العفو في البيت الأول بعد الفعل "أوعد"، انظر "والعفو عن رسول الله" الفعل الذي قبلها أوعدني، مجيء العفو في البيت الأول بعد الفعل أوعد التي تستخدم في الشر، هناك فرق بين وعد وأوعد، أوعد تستخدم في الشر، وعد في الخير، مجيء العفو بعد أوعد؛ يدل على مقدار الأمل الذي كان يراود كعب، وهو في طريقه لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-. أوعد: يعني: هناك شر كبير ينتظره -إهدار دمه- ولكن رغم كلمة العفو هنا تفصح لك عن مدى الأمل الذي كان يراود الشاعر، وهو يمضي في طريقه إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015