تأمل الفعل "أنبئت" مادة وصياغة، تجد أن هذا الفعل يكشف لك عن جوانب نفسية في الأديب، كما أنه يصور طبيعة المجتمع الذي كان يعيش فيه كعب بن زهير، فمن حيث المادة: اختيار الفعل "أنبأ" دون أخبر يدل على عظم وقع الخبر على نفسه النبأ هو الخبر العظيم، فعندما استخدم الفعل أنبأ يدل على عظم وقع الخبر على نفسه، وأنه بات مغتمًّا عند سماعه نبأ إهدار دمه، وهذه حقيقة لو أنك قرأت جو النص والظروف التي ألمت بكعب بن زهير عندما سمع نبأ إهدار دمه لتأكد لك هذا جيدا.
هذا جانب نفسي كشف عنه وجود هذا الفعل بهذه المادة أنبأ دون أخبر، فلو تأملت الصياغة؛ لرأيت أنه ورد بصيغة المبني للمجهول "أنبئت"؛ مما يدل على انتشار الخبر بين الناس، وأنه أصبح من الصعب تحديد مخبر بعينه، الخبر يدور على ألسنة الناس انتشر بحيث لا يمكنه تحديد شخص بعينه، هذه دلالة بيئية علمناها من خلال صيغة وردت لفعل من الأفعال.
المنهج الذي يكشف عن وقع الخبر على النفس هو المنهج النفسي، والمنهج الذي يعرف حال المجتمع وهل الخبر ذاع أم لم يذع؟ موقفه منه بعد سماع النبأ، وكل هذا منهج تاريخي، ولكننا كما رأيت توصلنا إليهما من خلال منهج فني، من خلال النظر والتأمل في الصياغة، والكشف عما وراءها من دلالات إيحائية.
ومن خلال المنهج الفني أيضا يمكننا معرفة الناحية العقيدة للشاعر، وتلك مهمة المنهج التاريخي معرفة العقيدة، لكن بإمكاننا أن نتعرف عليها من منهج فني.
تأمل معي قول الشاعر: "رسول الله" تجدها قد تكررت في البيت الأول مرتين، مع إمكان الإتيان بالضمير مكانها "أنبئت أن رسول الله أوعدني والعفو عند رسول الله مأمول" كان بإمكانه أن يقول: "والعفو عنده مأمول"، ولكنه آثر أن