أنه يخشى من سيطرة الهوى على الباحث؛ فيؤثر ذلك في حكمه عندما يعتمد على ذوقه الفني فحسب. صحيح، الاعتماد على الذوق الفني أحيانا يجر الإنسان إلى الوقوع في الهوى.
هذا عرض سريع للمنهج الفني، المنهج الذي يمكننا أو نتمكن من خلاله إلى تحقيق ما يسمى: بالمنهج المتكامل، المنهج الوحيد الذي يمكن أن نصل من خلاله إلى عدة مناهج، كالمنهج التاريخي، والمنهج النفسي، والجمالي،
كيف نطبق هذا؟ سأقدم لك نموذجين تطبيقيين يوضحان إمكانية تحقيق المنهج المتكامل من خلال منهج فني واضح وسيتضح لك أنني سأتوصل إلى نتائج تتصل بالمنهج النفسي، أو التاريخي، أو الجمالي، من خلال تعاملي مع النص الإبداعي بمقاييس فنية بحتة.
النموذج الأول: عبارة عن أبيات من لامية كعب بن زهير، وهي اللامية المشهورة ب"بانت سعاد فقلبي اليوم متبول" يقول كعب في هذه اللامية:
أُنبِئتُ أن رَسُولَ اللهِ أَوْعَدنِي ... والعفو عند رسولِ الله مأمولُ
مهلًا هداكَ الذي أعطاكَ نافلةَ ال ... قرآنِ فيها مواعِيظ وتفصِيلُ
لا تأخذنّي بأقوالِ الوشاةِ ولمْ ... أذنبْ وإن كثرتْ في الأقاويلُ
إن الرّسولَ لنور يستضاءُ بهِ ... مهندٌ من سيوفِ الله مسلولُ
تأمل جيدًا معي هذه الأبيات؛ ترى أنها تدور حول فكرة واحدة، الفكرة هي: اعتذار كعب بن زهير لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- ومدحه له. هذه هي الفكرة الجزئية التي تدور، أو تعبر عنها هذه الأبيات. من خلال تحليل هذه الأبيات تحليلًا فنيًّا بالنظر في صياغتها، والعناصر الفنية المشكلة لها، وإدراك ما وراءها من دلالات متنوعة، من خلال ذلك كله يمكننا التوصل إلى منهج متكامل.