المنهج الفني هو أقرب المناهج إلى طبيعة الفني الأدبي؛ لأنه يتعامل مع العناصر الفنية التي تشكل هذا العمل. إذا أردنا أن نبحث في أي فن من الفنون فلابد أن تكون المقاييس التي يعتمد عليها البحث تمثل عناصر مهمة في ذلك الفن؛ حتى يكون البحث مجديا، وتكون النتائج تتسم بالمصداقية. فالمنهج الفني يبحث في عناصر فنية هي الأسس التي يقوم عليها الفن الأدبي، كما أنه يكشف عن الخصائص الفنية والجمالية في العمل الأدبي. ومن ثم، فهو يسهم في تربية الذوق الفني وتكوينه وثقله لدى دراسي الأدب وباحثيه، وهذه قيمة أخرى من قيم المنهج الفني، نتوصل من خلاله إلى منهج متكامل، نتعرف على الجانب النفسي وعلى الجانب البيئي، وعلى الجانب الجمالي، كما أنه يفيد الباحث من ناحية أخرى في تربية وتنمية ذوقه الفني.
ومع أن هذا المنهج هو أقرب المناهج وأصحها في مجال البحث الأدبي إلا أنه لا يخلو من المآخذ عندما يحيد الباحث عن الطريق المرسوم له، فقد أشرت إلى أن هذا المنهج يجمع بين الذاتية والموضوعية، فقد يعتمد الباحث على الأصول والقواعد المقررة فحسب، إذا حدث هذا من الباحث، فإنه يحول المنهج الفني إلى مجرد قالب جاف، وهذا يتنافى مع طبيعته؛ لأن القواعد التي يصلح تطبيقها على نص ما قد لا تصلح للتطبيق على نص آخر، فلابد أن يكون الباحث فطنًا يجمع بين الذاتية والموضوعية يعني: يكون لذوقه نصيب، ويكون للمقاييس الموضوعية نصيب لا يهمل التأثر الذاتي، ولا يهمل المقاييس الموضوعية؛ لأن الاعتماد الذوق الذاتي وحده قد يجره إلى الخطأ أحيانا، يعني: لو أن الباحث اعتمد على تذوقه للأعمال الأدبية، ولم يسترشد، أو يأخذ بالمعايير الموضوعة، فإن ذلك يجعله يدور في فلك ضيق عندما لا يعدو المشاهير من الأدباء؛ لأن ذوقه قد لا يستجيد أعمالا لغير هؤلاء المشاهير، ويتجاهل غيرهم ممن هم أقل شهرة، كما